السبت، 28 سبتمبر 2013

إظهار المودة في شرح تغريدة سلمان العودة

إظهار المودّة في شرح تغريدة سلمان العودة
                                                           
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم ... أمّا بعد.
كتب د.سلمان العودة في يوم الأحد 22 ربيع الأول من عام 1434هـ الموافق لـ3 فبراير لعام 2013م تغريدة قصيرة من 4 كلمات.
"أرجوك..علمني كيف أحترق!"
فاعترض بعض الناس واستغربوا، وفهموا التغريدة على غير وجهها، وفهموا أن الدكتور يريد الانتحار، وبعضهم دعا عليه بالويل والثبور!
لكنني رأيت فيها جانباً جمالياً رائعاً برّاقاً، كما أنها اختزلت 3 معاني قد تتناقض مع بعضها!
فقلت سبحان الله! كيف لان القلم للدكتور كما يلين الحديد للحداد، فيصوغ ما يشاء؟!
وأحببت أن أشارككم رؤيتي لهذه التغريدة في هذه المقالة الصغيرة.
باختصار هذه التغريدة حوت 3 معانٍ كبيرة:

1-الرجل اليائس: وهذا أول معنىً يتبادر للذهن عند قراءة التغريدة، فهو كلام رجلٌ سأم الحياة ويأس منها، ويريد الانتحار والاندحار، وإعلان الهزيمة قبل وقتها.
إنها صرخة رجل استولى اليأس على قلبه، فأحاط به الظلام من كل جانب، حتى اسّود القلب، ومات الأمل، وزاد الألم، فمات قبل موته!
وهو معنىً سلبي خاطئ يتصادم مع الشريعة الإسلامية التي نهت عن اليأس من روح الله.
قال الله تعالى :((إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))،

2-الرجل الذي يريد العمل للآخرين: هذا المعنى تحمله التغريدة أيضاً، فهي كلمة رجلٌ يريد أن يحترق من أجل إسعاد الآخرين، ومن أجل نفعهم فهو شمعة تحترق لتضيء درب الناس.
هي صرخة المعلم الذي يدرس الطلاّب أملاً في نبوغهم وتفوقهم، وصرخة الوالد الذي يريد تربية أولاده وتوفير العيش الكريم لهم.
وهو معنىً جميل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)) [صححه الألباني].

3-الرجل المتفائل: هي صرخة رجلٍ كسر قيوده، ورفع بصره نحو السماء، وكان أمله أكبر من أجله، فقال بحرقة: علمني كيف أحترق، كي أحقق هدفي وغايتي الكبرى.
فهو عكس الرجل اليائس المحبط الذي مات قبل نهاية أجله، هو عكس المستسلمين والمنهزمين.
قال الطغرائي: أعلل النفس بالآمال أرقبها *** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
هذا الرجل صاح وصدح بصوتٍ عالٍ: علمني كيف أحترق،واستيقظ من سباته الطويل، ليفجر طاقته الداخلية، إنه شعلة من النشاط والقوة الفعّالة التي تنتج الكثير. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة)) [رواه ابن ماجه].

الخلاصة:
كل هذه المعاني السابقة حوتها تغريدة سلمان العودة، فهناك معنيان متناقضان جمعتهما التغريدة، وأضافت معنىً آخر زادها رونقاً وبهاءً.
فهي تغريدة ثلاثية الأبعاد، من أي جانبٍ نظرت إليها استغربت وتعجبت.
وهي تغريدة تدل على البلاغة والفصاحة، واختزال المعاني الكبيرة في كلمات قليلة.
أرأيت معي كيف أن أربع كلمات فقط حوت تلك المعاني السابقة؟!
ولو أسهبت في شرح كل معنى من معانيها، لما خرجت بأقل من كتاب ضخم.
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ((إن من البيان لسحرًا)) [رواه البخاري].
اللهم ارزقنا حسن البيان والعمل.
J
البراء بن محمد 
في مساء الأحد 23/11/1434هـ 29/9/2013م