الأحد، 1 نوفمبر 2015

لماذا أتحدث عن ذاتي كثيرًا؟

بسم الله الرحمن الرحيم
س: لماذا تتحدث يا براء عن نفسك (أو ذاتك) كثيرًا؟
البراء: وما الإشكال في ذلك يا (س)؟
س: ولكن من (أنت) حتى تتحدث عن نفسك بهذا القدر الكبير؟
البراء: وما هي معايير (الأنا) التي يحق لها التحدث عن نفسها أمام الآخرين؟ أهي الشهرة والجمال؟ أم العلم والمال؟ هل يجب على الإنسان أن يكون عظيمًا في أعين الناس حتى يحق له التحدث عن مشاعره وأفكاره وأحلامه وأوهامه علانيةً وبصراحة؟
س: مممممم، ولكننا نشمئز ونتقزز ممن يتحدث عن نفسه كثيرًا؟
البراء: ولمَ تفعلون ذلك؟ هل تريدون فعلًا أن يكون الناس كلهم نسخًا منكم؟
س: آآآ، لا، ولكن...
البراء: ولكنكم تفعلون ذلك شعرتم أم لم تشعروا، قصدتم أم لم تقصدوا.
س: ولكن ما الذي تملكه حتى تتحدث عن نفسك؟ أنت تعترف بجهلك وتقصيرك، ولا تعطي الكثير من المعلومات المفيدة، أو ما يسلي الجمهور.
البراء: أنا أملك (لا شيء)، ومن حقي أن أتحدث عن هذا (اللاشيء) كما أريد، بشرط أن ألتزم الصدق فلا أكذب أثناء الحديث عنه، وأكون منصفًا، فلا أغلو في مدحه، ولا أجحفه حقه، وأعطيه أقل من حجمه الطبيعي.
س: :)، ولكن اللاشيء هو ...
البراء: أعلم أنه من الخطأ استعمال لفظ (لا شيء) حرفيًا، وأعلم أنك تعلم أنني لا أعني ذلك بقولي (لا شيء)، ولكنه كناية عن ما تناهى حجمه ووزنه في الصغر حتى كاد أن يكون عدمًا.
س: ولكن ألن تصير متكبرًا ومغرورًا بحديثك المتواصل عن نفسك؟
البراء: هل تعرف قول الشاعر: "رأى الأمر يفضي إلى آخرٍ *** فصيّر آخره أولا"؟
س: ممممم كأنني فهمت ما ترمي إليه.
البراء: لا لم تفهمه على وجهه، إن فهمته على أن نتيجة التحدث عن النفس هي الكبر والغرور، وأنك قد عكستها، فصار السبب نتيجة والعكس كذلك. ولكن سأخبرك، لو كانت العروض بيدي، لأضفت كلمة (قد) إلى البيت، ليصير هكذا: "رأى الأمر (قد) يفضي إلى آخرٍ".
ولكن العروض يا أخي علمٌ مؤسسٌ منذ مئات السنين، وقد أغلقه صاحبه من بعده، فليس لي أن أجاوزه بعلمي القليل في العربية.
على كل حالٍ دعنا من هذا الاستطراد. من أين لك أن كثرة التحدث عن النفس تجلب الغرور والكِبر؟ ألست تعلم كما أعلم أن الغرور قد يصيب الكثير من الصامتين الذين نراهم هنا وهناك؟ ألست تعلم أن الكِبر خطيئة قلبية يقترفها بعض متصنعي التواضع؟
س: ولكن كيف عرفت ذلك؟
البراء: سؤال جيد. فلتات اللسان، وبعض ظواهر الأعمال تكشف عن بعض ما يخبئه الناس في نفوسهم. ومع ذلك، فلست متسرعًا في نسبة الناس إلى الكِبر والغرور، ولا أنهض للحكم عليهم بذلك غالبًا، لوعورته وصعوبته بالنسبة لي.
س: حسنًا، متى نذم الحديث عن النفس وفقًا لرؤيتك؟
البراء: نذم الحديث عن النفس إن خالطه كذبٌ أو غلوٌ أو كبرٌ وغرور.
س: كيف لنا أن نتأكد من أنك لست متكبرًا ومغترًا بذاتك؟
البراء: وهل علي أن أثبت هذا لك؟
س: ماذا تقصد؟
البراء: ما أقصده هو: هل يجب علي أن أنفي توهمك بأنني متكبرٌ ومغرور؟ فإن نفيتَ أنه محض توهم وتخمين، وقراءة ناقصة، فهل هو يقينٌ؟ وإن كان يقينًا فعلام استندت في يقينك هذا لتثبته؟ هل يقينك هذا ثابتٌ في نفسه؟
س: هممممم، ولكنك ستضطر للدفاع عن نفسك.
البراء: أخطأت فيما تقوله، وإنما يصح دفاعي عن نفسي، إن كنت عالمًا بثبوت تهمةٍ ما علي، أو أن التصرف الذي فعلته كان خطأً يستحق التبرير والدفاع. والحق أنني لا أعلم التهمة نفسها، ولست متحققًا من ثبوتها، فهل تتوقع أنني سأدافع عن نفسي حينها؟
 لو سألك إنسانٌ ما (على سبيل النصح المبطن بالاتهام) عن شربك الخمر، أفلا تجد نفسك مدفوعًا لسؤاله عن ما يدفعه لقول ذلك؟ أم أنك ستمتهن المحاماة لتدافع عن هذه التهمة الموجهة إليك؟
س: ممممم، هذا جيد، ولكن دعني أسألك..
البراء: ولكن قبل أن تسألني، أود أن أعزز فهمك لما قلته بتوضيح لطيف، ألا تجد أن الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"؟
س: صدق الله العظيم.
البراء: هل ستسمي تبيننا وتثبتنا من النبأ المتعلق بذوات الآخرين دفاعًا عنهم ومحاماةً لصالحهم؟ أم أنه توكيدٌ لقيمة الصدق والأمانة في القول عندنا وعند غيرنا؟ وهب أنك سميته دفاعًا عن الآخرين، فهل هو مذمومٌ؟
س: لا، ليس مذمومًا.
البراء: حسنًا، أو ليست ذواتنا مماثلة أو مشابهة لذوات الآخرين؟ فإن كان ذلك، فلمَ لا تأخذ ذواتنا نفس حكم ذوات الآخرين في وجوب التثبت من أي نبأٍ أو خبرٍ متعلق بها؟
س: ولكن ما الجهالة أو الظلم الذي سيصيبك إن لم تفعل ذلك؟
البراء: قد أظلم نفسي بتحميلها ما لم تحتمله من الإثم والأخطاء، ومن ثمَّ أدخلُ في دوامة مُهلكةٍ من العتاب والعقاب الذي لا تستحقه النفس ابتداءً. وضرر هذا مماثلٌ لضرر المدح الكاذب الذي يزيف صورة الإنسان أمامه، ويريه انعكاسًا موهمًا لحقيقته، فيغتر بباطله وأخطائه، ويزيدها غافلًا عنها واهمًا، جاهلًا بالعواقب.
وحتى لو لم تحصل الجهالة، فالعمل على سببٍ يفضي إليها = ليس بلائقٍ وهو ضربٌ من الخلل.
المعذرة يا (س) قطعت عليك السبيل لإحضار سؤالك هنا.
س: لا بأس، سأحاول الوصول إليه بطريق مختلفة *يحك رأسه متأملًا مفكرًا*
البراء: خذ وقتك يا أخي.
س: نعم وجدتها *eureka!* 
البراء: الحمد لله! هاتها بسرعة قبل أن تتلاشى وتختفي.
س: لماذا لا تتحدث عن الآخرين بنفس القدر أو بقدرٍ مقاربٍ لحديثك عن نفسك؟
البراء: أنا أحب التفاعل مع الآخرين، وأكن لهم الكثير من المشاعر الجميلة، وأتمنى أن ...
س: توقف يا براء! لقد سألتك سؤالًا واضحًا محدودًا، فأجب عنه بوضوح!
البراء:أبشر، كما تريد يا س، لا أجد في نفسي ميلًا لذلك بصراحة، ولا أعرف تفسير ذلك. ولكنني أحرص إن تحدثت عن شخصٍ ما على إنصافه ومعاملته بعدل، ولا أظن أن مجرد عدم حديثي عن الناس ظلمٌ وإجحافٌ لهم.
س: لدي سؤال مغاير لما سبق، لماذا تحرص على معرفة آراء الناس وانطباعاتهم عنك؟ يبدو ذلك جليًا لا ينكره من يشاهد الشمس في السماء، ويتابع ما تطرحه أيضًا، أنت تمحور الاستفتاءات حول نفسك، وتطالب الناس بنقدك ونصحك دائمًا.
البراء: صحيحٌ ما قلته، ولا أنكر حرفًا منه أبدًا. ولكنني أفعله لأنني أريد الاستفادة من الآخرين بقدر المستطاع، أنا أقدّم لهم بضاعة من الأفكار والمشاعر، فإما أن يعاينوها، ويفحصوها، أو يراقبوها عن بعد، أو يتجاوزونها ويمرون مرور السحاب والكرام.
معرفة بعض آرائهم تفيدني في تحسين إنتاجي، وتقويم أدائي، بل وإصلاح نفسي، وأخطائي في التعامل معهم ومع الحياة، وبعض انطباعاتهم الحسنة تترك في نفسي أثرًا عظيمًا رائعًا يدفعني للأمام. ولست والله ساعيًا لأن أصير محور الكون -على فرض وجوده- أو الاهتمام، ولكنني أرى أن تفاعلي الفعّال مع من يستقبلون إنتاجي عظيمٌ وطيب.
س: وهل تمارس ذلك مع الآخرين أيضًا؟
البراء: أحاول أن أكون كذلك أو -على الأقل- أبدو بهذه الصورة التي أراها جميلة.
س: ولكن غيرك يراها قبيحة.
البراء: أصبت، فقد أعلم ذلك أحيانًا، وأتجنب الاحتكاك به على النحو الذي يعجبني، أو أغفل عنه في أحيانٍ أخرى. 
س: لحظة! هاهنا سؤال جوهري قد يهدم كل ما قلته أو يؤكد قوة تحمله لعوامل التعرية المختلفة.
.....
وإلى هنا انقطعت المكالمة، وتشوش الصوت الواصل بينهما، ولم يبق منه سوى ما فُرّغ هنا.
*ملاحظة: (س) شخصية غير حقيقية
والله المستعان.
والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا.
البراء بن محمد

الخميس، 17 سبتمبر 2015

[مشكلتي مع متابعي كرة القدم]

بسم الله الرحمن الرحيم
[مشكلتي مع متابعي كرة القدم]

(أرجو أن تتحمل طول المقال، فليس هو بأطول من مجموع رسائل الواتساب التي تقرؤها يوميًا :))
أحب أن أنوه في البداية أنه لا مشكلة شخصية بيني وبين أي متابعٍ للكرة، فأنا كنت أحدهم ذات يومٍ، ولي معارف غارقون بها لحد النخاع، وبعضهم من فضلاء الناس :) 
إذن، فما مشكلتك يا براء مع من يتابع الكرة؟
سأحرر مقصدي أولًا بتبيان المصطلحات التالية حتى نعلم الفئة المستهدفة بما سأقوله.
ممارس كرة القدم: وهو الشخص الذي يلعبها باستمرار، ويمارسها كلما سنحت له الفرصة بذلك، وهو خارج محل البحث بداهةً.
مُشَاهِدُ كرة القدم: هو الذي يقصر متابعته لكرة القدم في أوقات الفراغ المحض، وقد يتسلى أحيانًا بمشاهدة كبرى المباريات، إلا أن اهتمامه بكرة القدم وشؤونها لا يتجاوز صافرة الحكم الأخيرة التي تختم المعركة بين الفريقين (عذرًا قصدت المباراة). وهذا خارج محل البحث أيضًا، إلا أنني سأشير إليه في بعض المواضع قصدًا.
متابع كرة القدم: -وهو مربط الفرس، ومقصد البحث- هو من يتابع شؤون اللاعبين المختلفة، ولا يكتفي برؤيتهم يركضون في المستطيل الأخضر، بل يوسع اهتمامه ليشمل به أخبار النادي (أو الأندية) الذي يشجعه(ا)، وتحليلات اللاعبين السابقين، وتصفيات البطولات العالمية والمحلية، ومباريات الاعتزال والمباريات الودية ... إلى آخره.
--
(1)
لماذا تتابعون كرة القدم؟
الإجابة الموحدة بين متابعي هذه الرياضة (وغيرها من الرياضات، ولكنها مقصودة أصالةً في البحث) هي: المتعة، والقليل من الإثارة.
جميل، وماذا بعد؟
(...)
لا إجابة في الغالب، فالمتعة لا غير؛ هي الغاية والوسيلة معًا!
--
(2)
متابعة كرة القدم (بالمفهوم الذي قدمته سابقًا) لا منفعة منها، وكل ما ليس منه منفعة فالاشتغال به والاهتمام به حمقٌ وتضييع للوقت والجهد وربما المال أيضًا!
كيف تقول أنها بلا منفعة، وأنت تعلم أن حصول المتعة من مشاهدة المباريات = منفعة؟
هذا صحيح، ولكن حصول هذه المنفعة -وحدها- لا يرجح أن متابعة كرة القدم أمرٌ نافع، ولا يرجح كفة منافعها ومصالحها على مضارها ومفاسدها.
وإلا فما هي المنافع الأخرى التي يجنيها متابع كرة القدم من متابعته هذه؟
لا منفعة على الصعيد الفكري والذهني، فمتابع كرة القدم يظل كما هو، لو أتيته بعد سنة أو عشر سنين، فلن تتغير عقليته أبدًا، ولن يزداد علمًا سوى بأخبار اللاعبين والأندية فقط، وهي معلومات كمية لا ارتباط لها بواقع حياتنا ولا أخلاقنا ولا سلوكياتنا ولا أفكارنا. فاكتسابها غير نافع وجهلها غير ضار + لا ملكة ذهنية أو عقلية قد نُمّيت.
لا توجد منفعة من ذلك على الصعيد النفسي والجسدي الصحي أيضًا، فمتابع الكرة ولو مكث الساعات الطوال أمام الشاشة الصغيرة (تلفازًا كانت أم حاسوبًا أم شاشةً في مقهى) أو زاحم الصفوف الطويلة ليظفر بمقعدٍ صغير يرى به المباراة عن قرب (أو في بعض الأحيان يضع مقعدته على مساطب الاسمنت :) )، فإنه مع ذلك كله لن يفقد شيئًا من وزنه الزائد، ولن تعتدل بنية جسمه وقوامه بتنفيذ جميع ما سبق (يُلفت النظر إلى أن بعض متابعي الكرة ممارسون لها ومواظبون عليها، ولكن هذا لا يجعل تلازمًا بين متابعة الكرة وممارستها، فمتابع الكرة إذن مختلف بهذا الوجه عن ممارسها).
أما الجانب النفسي، فقد تسوء نفسية المتابع وتتلف عواطفه ومشاعره بعد حماسه وتفاعله الشديد مع الكرة المتقلبة التي توسّع فمه من السعادة يومًا، وتبكيه دموعًا ودمًا في يومٍ آخر. مع التذكير بلحظات الانفعال والغضب التي يعقبها شتمٌ ولعنٌ للاعبٍ أضاع هجمة سهلة (كما يراها المتابع!) أو استهتار حارسٍ بفريقه الذي خسر ذلك النهائي العظيم.
وهنا حجةٌ أخرى بعد الاستطراد السابق، وهي أن الناس يتقحمون كبائر الذنوب تقحمًا قويًا، فيزنون ويشربون الخمر، ويسرقون، ويقتلون، ويأكلون أموال بعضهم بالباطل، وهم مع ذلك كله مستمتعون مشتهون متلذذون بفعل ذلك!
فهل تمتعهم بذلك وتلذذهم به يحيل مضار هذه الأفعال منافع؟ وهل (اهتمامهم) بذلك يعذرهم من النقد والنصح والتوبيخ؟
---
(3)
في الجهة المقابلة، ما الذي يبذله المتابع في سبيل (متعته)؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن يُستشعر أن غالب متابعي كرة القدم = مستهلكون، فالواحدُ منهم ليس مساهمًا في النادي بماله أو عضوًا مؤثرًا فيه، ومن ثمَّ، فإن وجود الفرد منهم أو عدمه ليس له أثر البتة، اللهم إلا اجتماعهم، كما تجتمع قطرات الماء (إنما السيل اجتماع النقط)
الكثير من الجهد الذهني، والمال، والوقت، وربما الصحة أيضًا!
فأما الصحة، فنحن نعلم ما قد يمر به متعصبة المتابعين من أمراض الضغط والبدانة وغيرها لإفراطهم في المتابعة من خلف الشاشات.
ونحن نعلم التقلبات المزاجية التي يمرون بها أثناء مشاهدتهم للمباراة، والتي قد يفتعلون بعضها لإثارة الحماس.
وأما المال، فهذا واضحٌ جلي، لن يدخل متابع الكرة الملعبَ مجانًا في الغالب، بل سيدفع قدرًا من المال لشراء التذكرة، وقد يتكرر ذلك منه إن كان رئيس رابطةٍ ينعق بصوته، أو مرافقًا يضرب الطبل، أو مشاركًا يلوح بيديه حتى يراه المشاهدون في التلفاز.
يبذل متابع الكرة جهدًا ذهنيًا كبيرًا في غالب نقاشاته الكروية وتحليلاته لاجتهادات المدربين وعقود ملاك الأندية، وتنبؤاته المستقبلية بسير الفريق في بطولة الدوري أو الكأس. 
ولا داعي للتذكير مجددًا أنه لا أمل بحصول منفعة من هذا المجهود، الذي يتخلله التعصب والعاطفة الشديدة اللذان يذكينهما الإعلام الرياضي ومشاهير الكرة.
أما الوقت، فمتابع الكرة (كما قدمنا) لا ينحصر وقته في 90 دقيقة فقط، بل يتجاوزها إلى عشرات الساعات المبذولة في مشاهدة المباريات الفائتة أو اللقطات الإبداعية، ولا ننسى النقاشات الكروية بين جماهير الأندية المختلفة، وأيضًا قراءة الكثير من الجرائد الرياضية، وتصفح المواقع المهتمة بذلك كله.
ولنا أن نزيد على ذلك القول بأن متابعة الكرة طريقٌ إلى التعصب الرياضي الذي يمسخ الفكر والعاطفة. لأن المتابع يذوب جزئيًا في النادي الذي يشجعه وذلك ببذله للانتماء العاطفي الكبير له، فيتمثل فيه إنجازاته وإخفاقاته. أما المتعصب فيتحد وجوده بوجود النادي، فيغدوان موجودًا واحدًا رغم أن الإساءة للنادي تضر المتعصب أكثر من الإساءة الموجهة للمتعصب.
المتابعة نفسها نشاط عبثي لأن الحق أن إنجازات الأندية ينالها أربابها ولاعبوها والمساهمون فيها بأموالهم حصرًا دون غيرهم، كما أنهم من يتحملون ثمن إخفاقاتهم. فكيف يسوغ لعاقلٍ أن يربط نفسه عاطفيًا وفكريًا بما لا ثمرة له من ورائه؟
إن فهم هذه العبثية التي تتخلل التشجيع الرياضي يسهّل علينا كثيرًا فهم التعصب الرياضي وتفهم دموع المشجعين وشغبهم وبأسهم على بعضهم في الانترنت والواقع والمدرجات. فمن سهل عليه أن يجعل النادي الرياضي هوية له سيسهل عليه أن يغرق فيه حتى النخاع.
والحق أن الفرق بين متابعة كرة القدم من حيث كونها نشاطًا ذهنيًا ونفسيًا يتخلل مشاهدة المباريات وتحليلها وتشجيع الأندية ومعرفة أخبارهم وتتبع كلام الإعلاميين حولهم، والتعصب الذي يكون فيه شديد القتال والبذاءة والإسفاف = فرقٌ رقيقٌ يصعب أن يفصل بينهما.
فحتى لو قيل بأن الإعلام الرياضي هو من يذكي التعصب ويقويه في النفوس، فالمتابعة للكرة تتأثر وتنفعل به كما تقرر ذلك.
أما القول بأن في مشجعي الكرة بعض الناجحين والمتفوقين في حياتهم، فهو استدلال خاطئ زائغ عن سنن التفكير الصحيح. فمتابعة كرة القدم من حيث هي = مجرد نشاط منفصل عن التفوق الأكاديمي والذكاء الاجتماعي. والربط بينها وبين غيرها على أساس علاقة سببية بين أثر ومؤثر يستلزم دليلًا وتعليلًا.
ونعيد طرح الأسئلة الجوهرية الهامة: ما هي القيمة الكبرى التي تضيفها متابعة كرة القدم للإنسان؟ ما الثمرة العظمى التي يحصّلها متابع الكرة بعد شهورٍ وسنينٍ من متابعته للكرة؟ ما حاجة الناس الحقيقية لمتابعة الكرة؟
---
(4)
يقتصر بعض الدعاة والوعاظ عند حديثهم عن متابعة كرة القدم على الحث على عدم التعصب والاهتمام بالصلاة، وهو جهدٌ مشكورٌ ولا شك، ولكنه يختزل المشكلة بأعماقها، ويسطّحها بما يزيد من غفلة الواقع فيها ويجذبه أكثر إليها.
لن أقول أن الكرة وسيلةٌ يستخدمها الطغاة لإلهاء الشعوب، أو مؤامرة صهيونية لصرف المسلمين عن قضاياهم الكبرى، فهذا ادعاء ضخم لا أتحمل تبعة طرحه بلا برهان مقنع.
المشكلة يا إخوتي هي في جعل وسائل الترفيه التي لا يُلتمس منها النفع = مشروعاتٍ حياتية، وما سواها = مشروعات فرعية.
ليست مشكلتنا مع الكرة وحدها، بل إن أي متابعة لوسيلة ترفيه (سائر الرياضات والأفلام والمسلسلات مثلًا) بنفس القدر الذي أشرتُ إليه سابقًا هو مشكلة كبرى.
---
(5)
يطرح بعضهم سؤالًا بريئًا وهو عن البديل المناسب، أو يقولون أن انشغال الناس بمتابعة كرة القدم خيرٌ من انشغالهم بالأفلام الإباحية والتفحيط وغيرها.
أما التساؤل الأول فهو مشروع وضروري ولا أنكر ذلك مطلقًا. ولكن لا ينبغي أن أجيب عن هذا السؤال مباشرة بصياغته هذه.
لست أبتغي تقييد المباحات التي ينتفع منها الناس وحصرها فيما تشمله رؤيتي الخاصة القاصرة، فهذا استبداد لا أحبه ولا أرضاه.
ولكنني أشير إلى معيار أساسي عام ومهم وهو حصول النفع الفردي والجماعي من البديل الذي سيستبدل به متابع الكرة نشاطه.
فلسنا نريد أن ينقلب متابع الكرة إلى متابعة أخبار المشاهير أو الانشغال بالألغاز والأسئلة والأجوبة الثقافية، فهي استجارة بالرمضاء من النار. ولكننا نريده أن ينتفع ويتعظ من ماضيه الأغبر ويستلهم العبر ممّن جربوا قبله وفهموا اللعبة أكثر.
أكاد أجزم أن انشغال المرء بالعطور وأنواعها أو إطارات السيارات ومستلزماتها أنفع مئة مرة من طلبه واكتسابه للمعلومات النظرية عن ممارسي كرة القدم لا عن الرياضة ذاتها.
ومن هنا يكون الرد على من يقول أن أداء المرء في كرة القدم يتحسن إن شاهد المباريات وتابعها. فنحن قد لا نجادله في ذلك، ولكن إن كانت متابعة 10 أو 20 مباراة كافية للمرء حتى يفهم اللعبة ويدركها جيدًا، فما الداعي لزيادتها عن ذلك؟
الواقع أن غالب متابعي كرة القدم ليسوا مدربي أندية تتعلق أموالهم بذلك، فيشاهدونها لغرض ينفعهم وحدهم وحسب. ولكنهم أقل من ذلك بكثير، فلماذا يشغلون أنفسهم بذلك؟
ولو قلنا جدلًا بأن نسبة المدربين فيهم هي 50% فما الداعي لانشغال البقية بها؟
وننطلق من هنا لحل الإشكال الثاني -في نظر صاحبه- وهو أن متابعة كرة القدم خير بديل عن ما هو أحط منها وأخس.
وهذا في مجمله صحيح، ولكنه مقصودٌ لباطل. إذ أنه ثبت أن متابعة كرة القدم إن لم تضر صاحبها مباشرة، أضره تراكمه في ذهنه واعتياد نفسه عليه. وحصر خيارات الشباب وعاداتهم بين مباح غير نافع ومحرمٍ ضار هو مغالطة في حد ذاتها. وما ينفع الشباب ويصلحهم ويناسب مرحلتهم العمرية والجسدية أوسع من ذلك بكثير.
---
(6)
سؤال أخير وجريء
ما الذي سيضرنا لو خفضنا الإنفاق أو جففناه عن الأندية الرياضية أو أي وسيلة تدفع الشباب لمتابعة الكرة والرياضة؟
ماذا لو حوّلنا هذا الصرف الضخم على مشروعات أخرى كالتعليم والصحة والاقتصاد...إلخ؟
وكما أسلفتُ الذكر، فممارسوا الرياضة يختلفون تمامًا عن من شُغِفوا بمتابعتها.
ومُشاهد الكرة = خيرٌ ممن يتابعها، ومن يستغل وقت ترفيهه فيما ينفعه = خيرٌ منهما جميعًا.
أعد النظر فيما ترفه به نفسك، وما تستمتع به، فقد تكمن فيه مضرتك من حيث لا تدري!
والله أعلم وأحكم.
البراء بن محمد
كتبه يوم الخميس 1436/12/4هـ
2015/9/17م
وأعاد تحريره يوم السبت 1438/5/22هـ
2017/2/18م

الأربعاء، 5 أغسطس 2015

كليمات حول هاشتاق #فلسطين_ليست_قضيتي

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف أنبيائه المرسلين، وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
ربما لم تحظ قضيةٌ من قضايا الإنسان بالتداول والنقاش، والتأييد والرفض، والموالاة والمعاداة، مثل ما حظيت به القضية الفلسطينية. وهي القضية التي تجاوزت حدود زمانها ومكانها، لتصبح نموذجًا فارقًا في الصراع بين الخير والشر، والوفاء والخيانة، والعدل والظلم.
والحقيقة أنني لست بذلك الأديب البارع الذي يقولب الأمور في قوالب العاطفة والوجدان، ويحرك القلوب بدقائق المعاني وعجائب الألفاظ، ولست فيلسوفًا حكيمًا يتجاوز سطح المشكلة وينفذ إلى أعماقها، فيبرز الصورة كاملة بأجزائها التي يختزلها الإعلام وأرباب السياسة والوعّاظ وعامة الناس هنا وهناك. 
ولكنني شاب من عامة الناس، أحببت أن أشارك رؤيتي لما تداوله بعض المغردين في هاشتاق #فلسطين_ليست_قضيتي، وأنقد موقفين تكررا كثيرًا في الهاشتاق.

الموقف الأول: موقف اختزال القضية وتسخيفها.






ليس ما يكتبه هؤلاء المغردون هو بنات أفكارهم فحسب، بل قد يكون تمثيلًا، لرأي الكثير من الناس، وربما ثقافة نشأوا وتربوا عليها.
وعلى كل حال، فليس هذا مجال الرد التفصيلي، ولكن أشير إلى الأخطاء إجمالًا.
1-الاختزال الشديد (Oversimplification):
واضحٌ من لهجة المغردة سارونة أنها تعتقد أن الفلسطينيين شعبٌ سيء وحقود، ومن ثم فهو لا يستحق التعاطف والتضامن.
ولكن هل السبب الذي يجعلنا نتعاطف مع الفلسطينيين هو أنهم شعب خلوق ومحترم؟
بالطبع لا، الملايين من المسلمين والكافرين يتعاطفون مع هذه القضية بوصفها قضيّة ظلم واعتداء على الفلسطينيين أنفسهم، ولأجل ذلك، فهم مظلومون يجب الانتصار لهم والانتصاف ممن ظلمهم وآذاهم.
وحتى مع التسليم الجدلي بأنهم قوم سوء وخيانة، فإنهم لا يستحقون أن يظلموا، لأن الظلم محرمٌ أبدًا تجاه أي شخص، حتى ولو كان ظالمًا مجرمًا. فالظالمون يجب أن يعاملوا بالعدل، وكذلك بقية البشر. الإحسان للمحسن، والعدل مع المسيء، وكف الأذى عمّن لم يظهر منه خير أو شر.
2-التعميم المتسرع (Hasty generalization):
تعميم التخوين وافتعال المشكلات صدر من قِبل المغردة روما لا شريك لها، وأيضًا المغرد/ة Taboo، والسؤال هنا: إلام استند هؤلاء في أحكامهم على شعب كامل؟ هل هي تجارب فردية أم إحصاءات منضبطة ودقيقة؟
هو كلام إنشائي له تاريخه الطويل، لمن يعرف أبعاد القضية والمتعاطفين معها.
3-الاستدلال الخاطئ:
تقول المغردة هدية العنزي أن فلسطين هي أرضٌ وهبها الله لليهود، وأن ذلك مذكور في القرآن، ثم تختم تغريدتها بتساؤل تراه مهمًا ومشكلًا: (هل هناك آية تقول أن الله تراجع عن هذا العطاء وأعطاها للمسلمين؟).
والسؤال الذي ينبغي طرحه: أين ذكر الله ذلك صراحةً في القرآن؟
قد نتبرع بالإجابة عن المغردة هدية، ونقول أن مقصودها قد يُفهم من سورة الإسراء، لأن المسجد الأقصى قد ذُكِر صراحةً في مقدمة السورة.
ولكن هل يدل سياق الآيات على أن الله قد وهب أرض فلسطين لليهود؟ 
تعالوا لنتأمل ذلك مجددًا.

أين ما يدل صراحةً أو تلميحًا على أن أرض فلسطين هي لليهود؟
وما دام أن مقدمة المغردة التي ذكرتها في تغريدتها غير مدعومة بالدليل الصحيحة، فالنتيجة تسقط تبعًا، ويصبح السؤال الذي طرحته بلا قيمة.
4-غياب الإنصاف والعدل:
أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالعدل مع الآخرين حتى وإن كانت العداوة بينهم قائمة، فقال سبحانه: ((ولا يجرمنكم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)) [سورة المائدة/8].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في سياق الحث على نصرة المظلوم: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا)) [رواه البخاري].
يتضح من قول المغردة روما، أنها لا تريد نصرة القضية الفلسطينية، لأنهم باعوا أرضهم وكانوا خائنين ... إلى آخره.
وبغض النظر عن صحة الكلام الوارد أعلاه، فهل هذا السبب كافٍ لجعل القضية الفلسطينية قضية لا تستحق النصرة؟
مهما كانت أخطاء الفلسطينيين تجاه أنفسهم أو غيرهم كبيرة وعظيمة، فإن هذا لا يسوِّغ لشعب آخر أن يظلمهم وينتزع حقهم منهم.
لماذا؟
لأن الظلم شرٌ مطلقًا، ولا يجوز أن يُرد الظلم بظلمٍ مثله، بل يجب أن يعامل بالعدل، العدل وحسب.
إن مثل هذه المغردة ومن يوافقها في قولها، كمثل شخصٍ رأى امرأة يغتصبها مجهولون على قارعة الطريق، فأراد أن ينتفض وينتصر لها بأن يهاجم المغتصبين أو يخبر الشرطة، فهتف به أحدهم وقال له: لم تفعل ذلك؟ ألا تعلم أن هذه المرأة كانت تظلم جيرانها، وتخون زوجها، وتعامل الناس بوجهين؟ كيف تنتصر لامرأة دنيئة الطبع كهذه؟ 
فتوقف صاحبنا هنيهةً بعد أن فكر في الموضوع، ثم انسحب من المشهد قائلًا لنفسه: كيف لي أن أعين امرأة خبيثة كهذه؟!
وقد ارتكب هذا الرجل -كما نرى- خطيئتين، الأولى: أنه صدّق ما سمعه دون أن يتحقق من صحته أو يتأكد من صدق قائله، فأساء ظنه، ثم بنى قراره على ذلك. والثانية: أنه تخاذل عن نصرة المرأة لمّا ظلمها المجهولون، فالاغتصاب جريمة وظلم كما هو معلوم، وكفّه وردع من يقوم به = واجب.
ولا ريب أن الساكت عن الظلم أو المنكر، مع قدرته على تغييره وإنكاره = مشاركٌ فيه، ومقارف لإثمه، ولو لم يباشر ذلك بنفسه.
----
الموقف الثاني: ليست هناك قضية فلسطينية حقيقةً!
لو تأملنا تغريدات أصحاب الموقف الثاني فسنجدها تميل إلى لوم المسلمين، والعرب تحديدًا، بسبب تخاذلهم في نصرة هذه القضية ومتاجرتهم بها. ولكن هل هذا هو ما يُفهم من كلامهم فقط؟ سنرى ذلك، وسأكتفي بعرض التغريدات كما كتبها أصحابها ثم التعليق عليها باختصار.



1-فساد الربط، ولزوم ما لا يلزم:
نلاحظ في التغريدة الأولى أن المغرد بندر الحسيني ينفي أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين حقًا، وذلك لأنهم لم يبذلوا لها شيئًا يستحق.
وكلامه فيه شيءٌ من الحق المشوب بالباطل، من جهة أنه لا تلازم بين ثبوت القضية وصحتها، وبين السعي لتحقيق هذه القضية. نعم قد يكون لكلامه بعض الوجاهة إن كان لغرض الزجر والوعظ لا على سبيل التقرير.

2-أبيض وأسود:
من المغالطة أحيانًا، اختزال كثيرٍ من قضايا الحياة وشؤونها، بين قطبين: موجبٌ وسالب، انتفاء أحدهما يوجب ثبوت الآخر، والعكس صحيح. وحقيقة الأمر، أنه بين هذين القطبين، توجد الكثير من الاحتمالات الواردة، والتي تحتاج إلى دراسة وتأمل حتى تُنفى أو تُثبت، أما نفيها جميعًا بلا تأمل أو تثبت فهو من التسرع في الحكم، والذي يفضي إلى أخطاء شنيعة عند التطبيق.
مثال، مقولة الرئيس الأمريكي جورج بوش: (إن لم تكن معنا فأنت ضدنا) وقد عبّر عنها سياسيون كثرٌ قبله وبعده.
https://www.youtube.com/watch?v=cpPABLW6F_A
https://en.wikipedia.org/wiki/You%27re_either_with_us,_or_against_us
_
نلاحظ أن المغرد Moo قد وقع بنفس المغالطة، حيث أنه حصر مغردي الهاشتاق بين خيارين لا ثالث لهما، وهما المقاومة المسلحة أو التطبيع مع العدو. وهو قد أغفل خيارات أخرى لا تقل أهمية عن القتال، مثل: الحرب الإعلامية، والحشد المستمر للقضية، والتذكير بها دائمًا، والدعاء على الظالمين. كلها خيارات بيد المستضعفين ومن لا يملكون قرارًا حاسمًا، وهي بلا شك خيرٌ من الانهزامية والاستسلام.

3-الحلول المثالية (البعيدة عن الواقع):
في آخر تغريدتين (الأخيرة وما قبل قبل الأخيرة)، يتمثل التنظير في أعلى صوره، وذلك من خلال اختراع حلول لا تحسم القضية، ولا تعالجها من جذورها.
حل التعايش السلمي مع إسرائيل لا يجدي، لأنه حتى وإن اضطر الواقع بعض الفلسطينيين للاعتراف ضمنًا وصراحةً بإسرائيل، إلا أن عموم الشعب الفلسطيني رافضٌ للوجود الصهيوني في أراضيه. ومن ثم، فخيار التسوية أو التطبيع لن يحل شيئًا بالنسبة لهم.
بالإضافة إلى أن حق إسرائيل في البقاء والاستمرار غير مكفولٍ لهم وإن تطاول الزمن. فالفلسطينيون مقتنعون -وهم على حق في ذلك- بأن هؤلاء القوم (أعني الصهاينة) قد أتوا على حين غرة، واقتلعوا الأرض من أهلها اقتلاعًا، ثم هجّروهم وطردوهم، وهدموا مساكنهم. ولم يكتفوا بذلك وحسب، بل ارتكبوا ضدهم أفظع المجازر وأبشعها، فهل سيكون للصلح والتسامح مكانٌ بعدها؟
إن مثل إسرائيل وفلسطين، كمثل ضيفٍ حل على مزرعة قوم آمنين، وتصرف بها شيئًا فشيئًا حتى ادعى أنها مزرعته ابتداءً، وأن من حقه المكث والاستثمار إلى أن يشاء الله، ثم هو بعد ذلك يتفضل عليهم، بأن يفاوضهم ويساومهم على أن يملكوا جزءًا صغيرًا من هذه المزرعة الواسعة. فهل سيقبل أهل المزرعة بهذا الحل وإن طال الزمان؟
إن معاقبة الظالم والأخذ على يديه، لها أثرٌ عظيم في نشر السلام والمحبة، وأما غير ذلك، فهو الظلم بعينه، حيث يُداهن هذا الظالم، وينسل من جريمته كما لو أنه الحمل الوديع وليس الذئب المفترس.
--
لا أريد الإطالة والاستطراد، فالنماذج المشابهة كثيرة، والوقوف على العلة الجامعة بينها يكفي لبيان الخطأ والزلل.
وفي نهاية المطاف، أدعو الجميع إلى التفكير في عواقب ومآلات ما يعتقدونه، قبل أن ينشروه على الملأ، فالله رقيبٌ على ما نقول ونعمل.
اللهم اهدنا إلى الحق واجنبنا الباطل وأهله.

الأحد، 22 مارس 2015

أنا خلال سنتين

                                                                           بسم الله الرحمن الرحيم.
البراء بن محمد خلال سنتين وربما أكثر ..
هو العديد من المشروعات المؤجلة، والآمال العريضة، والعراقيل الكثيرة.
وهو بعد ذلك بوصلة غاب مستخدمها، أو اختل مؤشرها.