الاثنين، 6 مارس 2017

نصب الدلائل على أن الزنا من أقبح الرذائل

بسم الله الرحمن الرحيم
-
قال الله تعالى: ((ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلًا)) [الإسراء/32].
وفي حكاية الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة الغار كما في الحديث الصحيح: ((فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبدالله! اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه)) [رواه البخاري/3465].
قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله: "إذا انفتح باب الزنا فحينئذ لا يبقى لرجل اختصاص بامرأة ، وكل رجل يمكنه التواثب على كل امرأة شاءت وأرادت، وحينئذ لا يبقى بين نوع الإنسان وبين سائر البهائم فرق في هذا الباب"(1).
قال الإمام القفال الشاشي رحمه الله: "فلا خفاء في العقول بقبح الزنا وحسن النكاح" (2).
-
إهداءٌ إلى روح الإمام الفخر الرازي رحمه الله الذي قال في تفسيره: "الذكورة مظنة الفعل، والأنوثة مظنة الانفعال". وكانت مقولته وقودًا للكتابة، وشعلة إلهام لي، وكلمة جامعة لمطلوب الفطرة ومقتضاها في الجنس والنكاح. بل لو اكتفيت بها عن تبيان مقصدي في الفقرة الثانية من المقال، لكانت كافية وزيادة.
وقد سررت سرورًا بالغًا لما عدت إلى تفسير الإمام وحديثه عن مفاسد الزنا، فوجدت أن بعض خواطري وأفكاري قد وافقت مدلول كلماته التي لخصتها ببراعة وبلاغة ظاهرة. فرحمه الله وغفر لنا وله، وجمعنا به في جنات النعيم.
-
الحمد لله الذي تفضل على عباده بنعمة الجنس التي زاد بها نسلهم، واشتدت أواصر حبهم، وانعقدت مودتهم، وحصل التراحم والتلاحم بينهم. فكانت لذة كبرى وحاجة ضرورية لا ينفك عنها الإنسان ما دام إنسانًا. وهي من النعيم العاجل الذي يتقيد بالحلال والحرام، والثواب والآثام، والنعيم الآجل الذي لا يتلذذ به إلا المؤمن الصابر الذي يعقل نفسه عن اتباع شهواته وتقديمها على ما سواها.
أما بعد،
فهذه مقالة موجزة في البرهنة على أن قبح الزنا (3) مما يدركه العقل الصحيح المتجرد عن الهوى، والفطرة السليمة التي تقتضي معرفة الحق والعمل به. وهي تذكيرٌ لمن انطمست بصيرته فسوّى القبيح بالحسن، وخلط الحق بالباطل، وقدم المرذول على الفاضل.
وفيها ردٌ على من احتقر النكاح وقال بأنه مجرد ورقة لا قيمة لها.
فاللهم يسر وأعن.
-
وقبل الشروع في إزالة الغشاوة عن العقل والمانع عن الفطرة، فإنه يحسن أن نستبعد بعض أنواع الجنس لقبحها. وذلك لنثبت أن جنس الفاحشة في الإسلام شرٌ مستقذرٌ يتلازم قبحه بحيث لا ينفصل بعضه عن بعضٍ فينعدم أو يقل.
فقد دلنا الواقع على أن الرجل يواقع المرأة والرجل والصبي الصغير والبهيمة، كما تشتد نزوة المرأة فيواقعها الذكر أو تعاشرها المرأة جنسيًا. فإذا ثبت أن بين هذه الأنواع قدرٌ مشتركٌ من اللذة والمحبة التي تسبق الفعل أو تقارنه أو تتبعه، كان تخصيص بعضها بالذم لهذه العلة ممتنعًا عسيرًا. فلزم البحث عن علة أخرى تخصص أحدها على البقية.
والضرر محتمل الوقوع في جميع هذه الأقسام، وإن كان متفاوتًا فيما بينها، والبحث فيه ظنيٌ في الغالب. فوجب البحث عن علة أخرى.
ولما رأينا أن جماع المرأة مفضٍ -بإذن الله- إلى تولّد الجنس البشري، وتكثيره، وهي ثمرة كبرى عظيمة، صحّ أن نميزه عن غيره من النشاطات الجنسية. فشرف جماع المرأة بشرف ما تنتجه بعدها.
وكان هذا الكمال المختص بجماع النساء مرجحًا له عن غيره من أنواع الجنس التي لا تُطلب لغير اللذة والمتعة.
فثبت بطلان هذه الأقسام لعبثيتها أو لقبح بعضها في العقول السليمة (ممارسة الجنس مع الأطفال).
-
من العلم الضروري المستقر في العقول أن الجماع وتوابعه ومقدماته من الجنس فعل يكون ابتداؤه إرادة من الذكر وقبول من الإنثى، فالفاعل الذكر، والمفعول به الأنثى. كما قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله: "الذكورة مظنة الفعل والأنوثة مظنة الانفعال" (4).
فيُنسب فعل الجنس إلى فاعله ابتداءً وهو الذكر، دون أن يقتضي ذلك عدم مشاركة المفعول به في التأثير، فهو محل قابلٌ لولاه لما أثمر الجنس وانطفئت الشهوة. فالتذاذ المرأة بالجنس لا يلغي نسبة إيقاعه إلى الذكر غالبًا. فلما كان الجنس بأفعاله وأقواله مفتتحًا بأفعال الذكور، صح أن يكون الاختصاص به منسوبًا إليهم دون الإناث. ففعل الذكر الجنسي واقعٌ إما بالقهر والغلبة أو بالمسايسة والملاطفة، وهذا خلاف الفعل الأنثوي الذي يقع غالبًا بتزيين المحل لمن يريد وقاعه، وجذبه له، وإغراؤه به. فتتزين المرأة للرجل لتعجبه، وتدعوه إلى جماعها فتواطؤ لذته -التي يوقعها بفعله- لذتها. وابتداء المرأة ببعض مقدمات الجنس كالقبلة والضم مثلًا لا يقتضي اختصاصها بالفعل الجنسي، إذ أنها أفعالٌ مرادةٌ منها لتمهيد وطء المحل برضاها ولذتها وسرورها. وقد تقرر بأن وطء المحل فعلٌ مختصٌ بالذكر. واللغة نفسها قاضيةٌ بذلك، فنحن نقول: جامع الرجل المرأة، ولا نقول: جامعت المرأة الرجل. ومن ثم، فالذكر يختص بجسد الأنثى والعكس غير صحيح. على أن الأنثى تختص بقبول فعله حصرًا دون غيره من الذكور.
فيقال اختصارًا: الجنس إما جماعٌ أو ما يؤدي إليه من أفعالٍ تشبع قدرًا من شهوة الإنسان، والجماع فعل يفعله ذكرٌ في أنثى. وما أدى إليه من فعلٍ فإما أن يقوم به ذكرٌ ليجامع أنثى، أو تقوم بها أنثى ليجامعها ذكر، ويتبادلان ذلك ليجامع الذكر الأنثى. واتحاد النتيجة التي تقع بفعل الذكر يرجح تبعية إرادة الأنثى لإرادة الذكر. فالذكر يقدّم للجماع لتوافق إرادة الأنثى إرادته فيتحقق كمال الجنس بينهما، والأنثى تقدّم للجماع لتقع إرادة الذكر على الوجه الذي تحبه وترضاه. وهو كمالٌ إضافي لا يقتضي عدمه عدم الجماع. فصح اختصاص الذكر بإيقاع اللذة (غالبًا) والجسد الذي تقع فيه.
ويتبين هذا بوجهٍ آخر أقول فيه: في الجنس تلقيحٌ ولذة، وكلاهما محتاجان لفعل الذكر، فلما صح ابتداؤهما به، صحت نسبتهما إليه واختصاصه بهما. ولو كانت الأنثى محلًا قابلًا للّذة دون التلقيح لشاركت البهيمة والذكر والطفل في ذلك دون امتياز وفضل. فلما تميزت بالتلقيح واللذة، وكان ابتداؤهما واختصاصهما عائدًا للذكور، جاز أن يقال أنهم يختصون بذلك المحل دون عكس.
وها هنا وجه أخير: قد أجمع العقلاء على قبح إكراه الرجل امرأة -لا تحل له- على الجماع. واصطلحوا على تسميته بالاغتصاب. وهو فعل الجماع بالإكراه. وفاعله إما الذكر أو الأنثى أو كلاهما معًا. والثاني ممتنع عقلًا، والثالث يقتضي عدم تجريم الاغتصاب أو لوم الفاعل والمفعول به على حد سواء. فلا يصح لوم الرجل على الاغتصاب إلا بإثبات اختصاصه وحده بفعل الجنس.
-
قد دلت العقول السليمة على قبح تصرف العاقل فيما لا يختص به، فهو ظلم وعدوان. ومن ثم فإن جسد المرأة إما أن يختص بالرجل الواحد أو لا يختص به، والثاني مقتضٍ لامتناع الجنس (حيث ينتفي اختصاص الرجل بجسد المرأة مطلقًا) أو اشتراك غيره معه في وطء المحل (حيث يكون الجسد حقًا مشاعًا لكل الرجال دون أن يختص به أحدهم بعينه). ومعلومٌ أنه يستحيل تقسيم جسد المرأة وتفصيله مع بقاء وجوده مجتمعًا كتقسيم العقار بين الشركاء، بل لو افترضنا أن أحدهم اختص بعضو دون الآخر، لما كان بعيدًا أن تستبد به شهوته فيعدو على ما يختص به غيره (5). ويشتد امتناعه في العقل بعد العلم بلازمه وهو أن تكون كل النساء مختصات بكل الرجال، فيستوي النكاح، والاغتصاب، والمداعبة، والتحرش. فيسقط الاحتمال بذلك .
فثبت وجوب اختصاص الذكر الواحد بجسد الأنثى ليصح منه الجنس على وجهٍ لا يصير به الظلم، ثم هذا الاختصاص إما أن يحصل بمجرد توافق إرادتي الذكر والأنثى أو لا يحصل به أو يحصل باجتماعه وغيره [بحصول التوافق وغيره]. والأول مفضٍ لشرعنة الخيانة الزوجية، إذ يزول اختصاص الزوج بزوجته متى ما وافقت إرادتها إرادة غيره، والعكس صحيح في الزوج. كما أنه يفضي لاشتراك الرجلين والثلاثة وما فوقهم في المحل الواحد، وهو ممنوع كما تبين سابقًا. والثاني مفضٍ لتشريع الاغتصاب والتحرش. والثالث يرفع شناعة الاحتمالين السابقين.
ويقال زيادة في التوضيح والبيان: اختصاص الرجل بجسد الأنثى إما أن يحصل بلا شرط أو بتوافق الإرادتين بلا شرط آخر أو بتوافقهما بشروط. فالاحتمال الأول يبيح الاغتصاب كما هو ظاهر. والثاني يبيح الخيانة الزوجية، ويفضي إلى تعدد المختصين بالجسد الواحد، ولا يمكن حصر التعدد إلا بإضفاء شرط على محض التوافق. وتعدد المختصين يناقض ما قررناه ضرورة من أن جسد المرأة لا يختص بغير رجل واحد. والثالث ليس فيه محذورات الاحتمالين المذكورين.
والشرط الإضافي الذي يغاير محض توافق الإرادتين ويصح به الاختصاص، هو التزامٌ برعاية الاختصاص وإدامته. فمجرد توافق الإرادتين يجعل الاختصاص مؤقتًا يزول بتوافق إحداهما مع إرادة مغايرة. ولا يدوم هذا الاختصاص ويُرعى على وجهه الصحيح إلا بحقوق وواجبات تثبت للطرفين. وتفصيل ذلك فيما يأتي.
 لما دلت دلائل الحس القاهرة على تماثل الطبع الذكوري الذي يشتهي ما يختص به من الأجساد وما لا يختص به، دلت كذلك على حصول الغيرة من الرجال ليمنعوا من لا يختص بنسائهم من أن يتصرف بأجسادهن كما يهوى.
ولما تصفحنا الواقع وجدنا أن ما بطن من الشعور كان له مقتضيات في الخارج بحسب قوته وشدته. وذلك معلومٌ بالبداهة. فلا تشتد محبة الإنسان أو بغضه أو فرحه أو حزنه دون أن يفعل ما يوافق هذه المشاعر. فلما كانت الغيرة شعورًا باطنًا قويًا، كان ظهورها أدعى لظهور مقتضياتها. وظهرت مقتضيات الغيرة في صيانة الرجال نسائهم من أن يواقعهن من لا يختص بأجسادهن. وحصلت الصيانة باستدامة الجنس والرعاية والأقوال والأفعال الدالة على المحبة. فكان من حق المرأة على الرجل أن يتعهدها بالرعاية والمحبة والنفقة وصيانتها لئلا تميل إلى غيرع فتكون محلًا قابلًا لما لا يختص بها، فيشترك -بإهماله- معها في الظلم.
وكان من حق الرجل على المرأة أن تحافظ على ما يختص بهما من فراش، ولا تدعو غيره ليشترك معهما فيه.  وكان من مقتضيات هذا الحق ألا تتبذل لغيره في الكلام أو الفعل لئلا يدعوه ذلك لوطئها. وأن تبذل وسعها في التقرب إليه، كما يبذل وسعه في التقرب إليها.
وثبوت هذه الحقوق والواجبات متوقفٌ على التزامٍ مبدئي من الرجل باعتباره الفاعل المختص، وقبول لهذا الالتزام من الأنثى باعتبارها المفعول به الذي هو محل قابل للاختصاص.
ولما كان الفعل أظهر من القول في بيان شدة الالتزام، كان على الرجل أن يبذل للمرأة مالًا(6) أو ما في حكمه، ليؤكد جديته وعزمه على الاختصاص بها. والأصل في الاختصاص أن يدوم لا على وجه التأقيت الذي يزول كما في الدعارة، ومن ثم فلا وجه للتعكير عليه بتشبيهه بالدعارة.
ولما كان الالتزام بإدامة الاختصاص خاليًا من العيب والنقص، كان إظهاره أولى من إخفائه لعدم دواعي الإخفاء من العيب والنقص. وكان علم الناس بذلك واجبًا لئلا يطمع أحدهم في الاختصاص بامرأة التزم أحدهم بالاختصاص بها ووافقته على ذلك.
ولما كان الالتزام محتاجًا إلى مرجع يحتكم بموجبه الطرفان عند التنازع والاختلاف، كان من الضروري حفظه مسطورًا في عقدٍ مشهودًا عليه من الكافة. والعقد يسري عليهما ما لم يطرأ ما يناقضه أو يتعذر قيامهما أو قيام أحدهما بحقوق الآخر مع عدم الرضا والتنازل. فيفسخه الرجل أو المرأة بتفصيل بينه الشرع الحكيم. 
والناس يسمون الاختصاص السابق بالنكاح أو الزواج. ويجوز أن يتعدد من الرجل، لأن الرجل يختص بجسد المرأة، والعكس غير صحيح. والمرأة تختص بالفراش الذي بينها وبين الرجل، فلا تنقضه بافتراش نفسها لغيره، ولا ينقضه الرجل بأن يفترش غيرها ممن لا يختص بها. وقد صح اختصاص الرجل بامرأتين فصاعدًا لأنهما محلان مختلفان، بخلاف اختصاص المرأة برجلين فصاعدًا لأنها محل واحد لا يقبل الاشتراك كما بينا سابقًا.
ثم معرفة تفاصيل النكاح راجعة إلى الشرع الذي أنزله الله متوافقًا مع فطرة الإنسان السليمة وعقله الصحيح. وإنما يختص العقل والفطرة بإدراك حسن النكاح وقبح الزنا مجملًا، وهو ما أردت بسطه وتفصيله فيما كتبته آنفًا. ويُطْمس نور الفطرة باتباع الهوى الذي شاع بين الناس فأعماهم عن الحقائق الجلية. ويحصل اتباع الهوى بموافقة الجماعة على اتباع الباطل والعمل به، وتقديم اللذة الشخصية المؤقتة على الحق عند تعارضهما.
أما وقد قال بعض العقلاء استهزاءً بالنكاح أنه مجرد ورقة لا تنفع أو تضر [كناية عن عقده]، وتبين أنهم قد وافقوا بذلك المزاج العالمي المغرق في الشهوات والرذائل، فقد وجب أن أذكرهم ببعض دلالات العقل اليقينية على بطلان الزنا وما يتعلق به، وأنه جنس شرٍ لا خير فيه حتى لو كان بالتراضي. فمن أصر على التفريق بين أنواع الزنا على أساس التراضي، فليعلم أنه سيتناقض مع نفسه حيث يجب أن يطرد في إباحة الجميع، بما في ذلك الاغتصاب والخيانة الزوجية ومقدماتهما.
-
وها أنا ذا أسرد اعتراضًا محتمل الورود على الأذهان بعد قراءة ما سطرته من الحجة والبرهان:
سلمنا جدلًا بأن الجنس فعلٌ مشترك بين الذكر والأنثى، يفتتحه الذكر بإرادته ويقع منه مغالبةً أو مسايسة فصحت نسبته إليه، واختصاصه به حصرًا دون الأنثى. ولكن ما تقولون في الحب بمراتبه المتفاوتة قدرًا وجلالة؟ أو لسنا نرى في الشاهد اشتراك الذكر والأنثى في الحب على نحوٍ يتعذر معه نسبة أصله إلى واحدٍ منهما بخلاف الجنس؟ كما أن الزواج ليس شرطًا كافيًا لديمومة المحبة والمودة بين الزوجين، بل كثيرًا ما نرى الزواجات التي يرتفع عنها الحب والمودة، لتحل محلهما الرتابة والفتور والبال المكدور والقلب المهدور. وما أكثر ما نرى أو نسمع من أحوال العشاق والمحبين الذين دام حبهم واستمر آجالًا طويلة وأزمنة مديدة دون أن ينكح أحدهما الآخر. فما ثمرة الزواج وليس فيه ما يضمن دوام الحب حقًا بين الذكر والأنثى؟
أفلا تكون علاقات الحب خارج قفص الزواج وإطاره خير بديلٍ لهذا القيد الثقيل؟
لم لا يصح في العقل والفطرة أن يحب الذكر الأنثى بعفوية وخفة روح تبتعد بها عن تسلط المجتمع وثقله على الأفراد؟
-
وهو اعتراضٌ أصله الباطل الذي لا قرار له (7) في نفوس طالبي الحق، وذلك من وجوهٌ متعددة:
1- من اعوجاج الفكر أن يصف العاقل المختلفات بما تشترك به فيجعله مميزًا لها عن بعضها. وهو ترجيحٌ بلا مرجح وتفريق بغير مفرق. ومن ذلك وصف العلاقات التي تحدث خارج إطار الزواج بأنها (علاقات حب). ذلك وأن الحب ليس مميزًا لها عن الزواج، وإنما هو قدر مشتركٌ بينهما في الحقيقة. فاستخدام اللفظ في هذا السياق مصادرةٌ لا تغتفر، إذ أنه يوهم اختصاص هذه العلاقات بحبٍ يكون أعظم من حب الزواج بحيث يصح تمييزه عن الحب الذي يقتضيه الزواج. وهي دعوى عارية عن البرهان. ومن ثم، فلا تصح المقابلة بين الزواج وغيره إلا بوصف غيره بأنه علاقةٌ خارج إطاره. وتسميتها بعلاقات الحب أو الصداقة فيه تلبيس لفظي.
2- قد شاعت أخبار المحبين بين الأمم، واستفاضت أشعارهم وأغانيهم على نحوٍ يحصل به اليقين. وكان مما اشتركت به هذه القصص التي تكررت كثيرًا دون تواطؤٍ عليها أن كانت الرغبة إلى النكاح غاية يتوق إليها المحبان، ويسعيان في تنجيزها برغم ما يكابدانه من مشاق وآلام. فلما اتُخذ الحب سبيلًا للنكاح والوصال، وانعدم طلب حبٍ خارج الزواج بعد الزواج، دل ذلك على أن النكاح غاية كبرى من غايات الحب. وكمالٌ من كمالاته. فكان سعي المحبين للنكاح على اختلاف بلدانهم وأعراقهم وأديانهم مع توافر دواعي الزنا منذ فجر البشرية دليلًا فطريًا على كمال النكاح وفضله على الزنا.
3- لا عاقل يقول بأن كل زواجٍ مفضٍ إلى تمام الحب والمودة بين الزوجين، كما لا يصح أن يقال أن كل علاقة خارج الزواج مفضية إلى تمام الحب والمودة. فالواقع مخبرٌ عن كثير من عواقبها الوخيمة التي تنوعت بين فجورٍ في الخصومة واعتداءٍ وابتزازٍ وإفساد المزاج والنفس. فإن صح ذم الزواج لأن زواجات بعضهم قد تخللها الاعتداء والظلم والعدوان، فما كان خارجه أولى بالذم لاشتراكه في نفس العلة. فثبت بذلك أن ذكر العلاقات خارج الزواج على النحو الذي تخفى به أضرارها الواقعية هو من التفكير الرغبوي المقيت. بل قد يقال أن النكاح يدعو لتقليل أضرار الاختلاف والتنازع بين الرجل والمرأة بخلاف الزنا كما في الوجه القادم.
4- في الزواج ضمانٌ لحقوق الطرفين، بإمضاء عقدٍ مشهودٍ بينهما يسري عليهما حتى يفسخه أحدهما عند قاضٍ عدل. وذلك مناقض لأي علاقة خارج الزواج، حيث تنتفي الحقوق والواجبات وتحل محلها الظنون والتوقعات. وهذا مُشاهدٌ معلومٌ لا ينكره أحد. فليس فيما يخرج عن الزواج إلزامٌ لأحد الطرفين بأداء حقٍ لآخر. ولو حدث أن ظلم أحدهما الآخر ظلمًا بينًا فيما يشذ عن نطاق قوانين المجتمع والقضاء، لما وجد من ينتصف له منه. بل لو لحقه ظلمٌ يخالف قوانين القضاء وأنظمته لما وجد فارقًا بينه وبين غريبٍ يمشي في الشارع.
نعم قد تبيح بعض شرائع الدول الزنا وتجعله علاقة معتبرة بوجه من الوجوه، ولكن هذا لا يتم إلا بقياسه على الزواج لمعرفة الحقوق والواجبات. فالزواج أصل أبدًا بخلاف الزنا.
بل لا يبعد أن يقال أن الفواحش بأشكالها المختلفة قد تؤدي إلى البغضاء والشحناء والظلم والكراهية، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "والناس إذا تعاونوا على الإثم والعدوان أبغض بعضهم بعضًا، وإن كانوا فعلوه بتراضيهم" (8).
ويقول بعد ذلك بقليل: "كالزانيين كل منهما يقول للآخر لأجل غرضك فعلت معي هذا. ولو امتنعت لم أفعل أنا هذا؛ لكن كل منهما له على الآخر مثل ما للآخر عليه؛ فتعادلا.
ولهذا إذا كان الطلب والمراودة من أحدهما أكثر كان الآخر يتظلمه ويلعنه أكثر، وإن تساويا في الطلب تقاوما" (9).
5- لا ريب أن قيد الزواج وثقله الشديد راجعٌ إلى المسؤوليات الملقاة على كاهل طرفيه. ومن ثم، فإن العقل الصحيح المتجرد عن سلطان الهوى يحكم بكمال من يحب ثم ينكح محبوبته ويفضّله على من يحب ثم يتقاعس عن النكاح ويتقهقر بغير موجبٍ لذلك. فالأول مسؤول يؤكد ثقة المرأة وأهلها به، ويضمن لهم بما بذله من جهد أنه سيرعى حرمة الميثاق الغليظ بينهما جيدًا. بخلاف الثاني الذي يتهرب عن تحمّل تبعات حبه ومودته لتصبح أقوالًا مفرغة من المعنى والبيان.
6- النكاح بيئة خصبة لنمو الحب وازدهاره بين الرجل والمرأة. وذلك لما يختص به من حدود دقيقة تفصل بين الحقوق والواجبات وتحقق معنى العدل، وتترك للعقل مساحة التفكر في الإحسان الذي يزيد عليه. بخلاف العلاقات التي تخرج عنه إذ لا تختص بمعيارٍ واضح توزن به الحقوق والواجبات على النحو الذي تنتفي به العبثية والاعتباطية والارتجال لغير معنى. وأخطاء المتناكحين لا تعود على هذا التقرير بالنقض. إذ أنها راجعة لعدم ملائمة الزوجين لبعضهما  البعض أو التقصير في الحقوق والواجبات. وهذا ينفي النقص عن ماهية النكاح؛ ليثبت [النقص] لمن يتناكحون.
7- لما ثبت أن ما خرج عن النكاح من جنسٍ وحبٍ لا يخصص جسد المرأة [الحرة] (10)، ثبت بذلك أن الغيرة المتعلقة به عبثٌ لا محصّل له بخلاف الغيرة الزوجية التي تكون في محل الحق دون الباطل. فليس لمن تعلق بامرأة ولم ينكحها أن يغار ممن يشاركه جسدها إلا بنوع قياس فاسدٍ [على النكاح] يجعل فيه محبته إياها علةً لاختصاصه بها، رغم إمكان اشتراك الناس معه فيها.  
 8- أن شهوة الجنس مرتبطة ارتباطًا شديدًا بالحب، بحيث دلنا الحس وخبر الناس على أنه لم يحب رجلٌ امرأة دون أن يشعر بلذة حسية تتعلق بجسدها وافتعال الجنس معها. وهو ظاهرٌ في كثيرٍ من أشعار الغزل وأدبه (11). فلما بطل الجنس مع من لا يختص الرجل بهم، كانت موافقة الطبع المائل إليهن وتقويته باسم الحب والغزل عبثًا ظاهرًا حقيقًا بالذم لكونه داعيًا للجنس وغيره. ومن زعم أنه يحب امرأة دون أن يشعر تجاهها بميلٍ جنسي فقد أبلغ في الكذب ومكابرة ضرورة الحس!
9- أن الحب شعور متغيرٌ شديد التفاوت يزيد تارة وينقص تارة أخرى، فلا يصح أن يكون معيارًا منضبطًا للاختصاص الجنسي بجسد المرأة، إلا لو قيل بأن الاختصاص يتفاوت بتفاوت الحب. وفي ذلك تجويزٌ ظاهرٌ للخيانة الزوجية.
10- أن النكاح مظنة تكريم المرأة واحترامها وتوقيرها. فالزوجة تزيد درجاتٍ ومراتب عن العاهرة والزانية بتحمل مسؤوليات المنزل، وإعانة الزوج، وإنجاب الأطفال، ورعايتهم، وتربيتهم، وإدامة الحب والمودة. فإن قيل بأن بعض الزانيات يشاركنها في بعض ذلك أو غالبه، قيل بأن العبرة بحقائق الأوصاف والمعاني لا محض تشابه الظواهر. فالزواج من حيث هو يقتضي كل ذلك، والزنا من حيث هو لا يقتضي كل ذلك. فالزنا فيه تأكيد على أن المرأة أداة جنسية لإشباع غريزة الرجل. وهو لفظٌ يشمل الدعارة والاغتصاب والجماع الذي يكون بالتراضي. وهو متعلقٌ بصلاحية المرأة للتمتع الجنسي وشيءٍ من التمتع العاطفي وحسب. والزنا مظنة الإجهاض أو إلقاء الأطفال إلى الشوارع المجهولة وحرمانهم حنان الأمومة والأبوة.
وللإمام الفخر الرازي رحمه الله نص نفيس في تقرير هذا الوجه، أنقله كما هو. يقول الإمام: "أنه ليس المقصود من المرأة مجرد قضاء الشهوة بل أن تصير شريكة للرجل في ترتيب المنزل وإعداد مهماته من المطعوم والمشروب والملبوس، وأن تكون ربة البيت وحافظة للباب وأن تكون قائمة بأمور الأولاد والعبيد، وهذه المهمات لا تتم إلا إذا كانت مقصورة الهمة على هذا الرجل الواحد منقطعة الطمع عن سائر الرجال، وذلك لا يحصل إلا بتحريم الزنا وسد هذا الباب بالكلية" اهـ (12).  
11- أن الزنا (الذي هو جنسٌ وحبٌ خارج الزواج) فيه إفسادٌ لطبع الحياء الذي تمتدح المرأة به خاصة دون الرجال. والمرأة بفطرتها تدرك أنه ليس كل أحدٍ مستحقًا لجسدها مهما بذل لها رخيص الكلام والود. وهي وإن كانت تتبذل في لباسها وتتبرج على نحوٍ يخالف هذه الفطرة، إلا أنها تضبط قولها وفعلها فلا تحرص على أن يكون فيه إشارة لأحدهم أنها محل جاهز لتفريغ شهوته. وإن كان الرجل مذمومًا ابتداءً بتصرفه فيما لا يختص به من أجساد النساء، فإن المرأة مذمومة أيضًا لتبذلها وتبرجها له. والدعوة إلى الزنا من خلال تسويغه بعلاقات (الحب) تعني ابتذال المرأة لغيرها من الرجال. فإن جاز للمرأة أن تسترخص نفسها لواحدٍ لا يختص بها، جاز أن تسترخص نفسها لجميع الرجال الذين لا يختصون بها ضرورة اشتراكهم في عدم الاختصاص بها. أي أن هذه العلاقات التي يزعمون براءتها وعفويتها ونقاوتها مظنة العهر حقيقة، والعاهرة مذمومة خسيسة لا خير فيها ما لم تتب إلى الله وتنقطع عن إفساد المجتمع وإغوائه، وهو مما قد بينته في مقالٍ سابق (13).
12- أنه لو كان محض الحب واللذة الجنسية كافيًا في تسويغ مواقعة المرأة بغير اختصاص (14)، لجاز أن يواقع الرجلُ البهائم والصبيان دون البلوغ. ولكن الفطر التي شوّهت بكثرة موانع الهوى التي تحجزها عن اتباع كثيرٍ من الحق لا تزال تجرّم مواقعة البهائم والصبيان، لاستقذارها الفعل الأول، وشعورها بضرر الفعل الثاني وما فيه من الأذى. وهذا كافٍ بفضل الله للدلالة على أن محض الشهوة والمحبة لا يسوغ فعلًا إراديًا فضلًا عن أن يكون جنسيًا. والمعترض قد اعترض بمجرد الطبع والمحبة لا أكثر، فيلزمه الاطراد في استدلاله، أو النكوص عنه.
13- الزنا ينقض نظام الأسرة وأساسه، ومعلومٌ أن الأسرة هي أساس التربية والمحبة (15). وذلك ظاهرٌ جليٌ في أن الزنا لا حقوق فيه ولا واجبات، وهو نقيض النكاح الذي يرتبط الزوجان فيه، ليكونا أبوين لأطفالٍ يجب عليهم الاعتناء بهم وحفظ حياتهم وأخلاقهم ودينهم، ويجب على أطفالهم أن يبروا بهم ويتقربوا إليهم. أما الزنا، فعواقبه إما إجهاض الأطفال وقتلهم في الأرحام، أو رميهم إلى الشوارع ومحاضن اللقطاء، أو الاعتناء بهم على غير نظام الأسرة الصارم الملزم. وكلها سلبٌ لحق الإنسان الأصيل في أن يعيش مع والديه يعتنيان به. فبالنكاح تُحفظ الأنساب والحقوق، وبالزنا يضيع كل ذلك. فإن احتج محتجٌ بأن معرفة نسبة الولد إلى أبيه أضحت ممكنة بمعرفة الDNA. قيل بأن هذا الشريط لا يحفظ حقًا ولا يؤدي واجبًا. فهل سيُلزِمُ أباه حقًا أن يعتني به ويعتبره ابنًا له؟ ما الذي سيلزمه بذلك وهو قد دفق منيه في فرج امرأةٍ ليس بينهما اتصالٌ تحفظ به الحقوق وتؤدى به الواجبات؟
14- الزنا يفسد أخلاق النساء ويجعلهن في منزلة وضيعة في المجتمع، وفي ذلك يقول أبو الأعلى المودودي رحمه الله: "ومما تستلزمه إباحة الزنى أن تجري في المجتمع حرفة البغاء. وذلك أن من يقول بأن لرجل شاب حقًا في أن يمتع نفسه بلذات الشباب فكأنه يقول مع ذلك بأن تكون في المجتمع لهذا الغرض طبقة من الإناث تكون في أسفل الذل والمهانة بكل اعتبار. ولكن من أين تأتي أولئك النساء؟ أفلا يخرجن من هذا المجتمع الذي يعيش فيه؟ أو لا يكنَّ من بناته هو وأخواته؟ بلى، لا بد أن تنفر من أولئك النساء اللائي تجدر كل واحدة منهن بأن تكون ربة بيت ومؤسِّسَة عائلة ومربية أولاد، طائفة إلى حي البغايا، ليكنَّ كمراحيض البلدية موضع قضاء الوطر لكل خليع داعر ويتجردن من جميع الخصائص النسوية الشريفة، ويتدربن على التكسب بالغنج والدلال، ويسفلن إلى أن يبعن محبتهن وقلوبهن وأجسامهن، ومحاسنهنّ ومفاتنهن، لكل زائرٍ جديد في كل ساعة، ويبقين مدة أعمارهن أداة لقضاء شهوات غيرهن، بدل أن يقمن بخدمة نافعة مثمرة للمجتمع." (16).
-
فهذه أربعة عشر وجهًا في بيان أن المحبة والعشق لا يجمّلان الزنا أو يزيلان قبحه. بل إن قبح الجنس مع من لا يختص به دالٌ على قبح أفعال الحب الإرادية التي تقترن به أو تسبقه. وليس لعاقلٍ أن ينفي ارتباط أو اقتران الجنس بمحبة المرأة.
وملخص المقال هو أن الجنس إما أن يكون بحرية مطلقة أو مقيدة، والأول يقتضي جواز الاغتصاب والتحرش، فوجب الثاني. والحرية المقيدة لا تكون بغير قيامٍ بالحقوق واختصاصٍ بالواجبات، فبطل بذك الزنا واللواط والسحاق ووطء الصبيان والبهائم، ووجب أن يتصف النكاح بأنه جنس أخلاقي لأن فيه كمال الحقوق والواجبات التي تنعدم في غيره.
-
نصوص متفرقة:
الفخر الرازي: "الزنا شهوة قبيحة خالية عن المصلحة التي لأجلها خلقت" (17).
الراغب الأصفهاني: "وسمى ذلك سفاحًا من حيث أن المجتمعين عليه لا غرض لهما سوى سفح الماء للشهوة، كمن ضيّع مالًا في غير حرثه" (18). 
-
اللهم أعتقنا من سلطان الهوى، وأعنا على قوة الشهوة، وكيد الشيطان، واهدنا في زمن الفتن والأهوال، واغفر لنا ما اقترفناه من خطايا القصد والقول والعمل.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه البراء بن محمد
قبيل فجر الإثنين 1438/6/7هـ
2017/3/6م
وأعاد تحريره وتنقيحه مغرب الثلاثاء 1438/6/8هـ
2017/3/7م
وأضاف إليه وجدد في بنيته فجر الخميس 1438/6/10هـ
2017/3/9م
وأعاد تحريره وصياغته صباح الأحد 1438/6/13هـ
2017/3/12م
وأعاد نشره بعد إخفائه مع تحريرات مهمة مساء الثلاثاء 1439/8/29هـ
2018/5/15م
-
على الهامش:
(1): (مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر، دار الفكر، الطبعة الأولى 1401هـ-1981م، الجزء العشرون، ص199). وقد قال الإمام الغزالي رحمه الله من قبل: "فقد خلق الغذاء سبباً للحياة ، وخلق الإناث محلاً للحراثة ، إلا إنه ليس يختص المأكول والمنكوح ببعض الآكلين بحكم الفطرة ، ولو ترك الأمر فيه مهملاً من غير تعريف قانون في الاختصاصات لتهاونوا وتقاتلوا"
(جواهر القرآن، أبو حامد [محمد بن محمد] الغزالي، تحقيق: محمد رشيد رضا القباني، دار إحياء العلوم، ط2 1406هـ-1986م، ص33).
(2): (محاسن الشريعة في فروع الشافعية، أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل بن الشاشي القفال الكبير، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 2007م، ص262)
(3): الأصل أن الزنا يشمل ما حصل بالتراضي أو الإكراه من جنس خارج الزواج، إلا أن الاغتصاب مجرّمٌ عند المخالف الذي يعتقد حسن الزنا بالتراضي. فنصف ما يستحسنه بالزنا دون أن نجعله في سلة واحدة مع الاغتصاب وذلك في مقام المحاججة لا أكثر. فالأصل عند ورود لفظة الزنا في هذه المقالة أن يشار بها إلى ما وقع من الجنس بالتراضي. 
(4): (مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر الرازي، دار الفكر، الجزء الرابع عشر، ص176).
(5): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن الفروج لا تحتمل الاشتراك"
((مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، المجلد الثاني والثلاثون، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1425هـ-2004م، ص117).
قال الإمام ولي الله الدهلوي رحمه الله: "وفي مزاحمة الناس على موطوءة تغيير الجبلة الإنسانية، وهي مظنة المقاتلات والمحاربات بينهم" (حجة الله البالغة، ولي الله أحمد [بن عبدالرحيم] الدهلوي، تحقيق: السيد سابق دار الجيل، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1426هـ-2005م، ص242).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "لو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثر، لفسد العالم، وضاعت الأنساب، وقتل الأزواج بعضهم بعضاً، وعظمت البلية، واشتدت الفتنة، وقامت سوق الحرب على ساق. وكيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون؟ وكيف يستقيم حال الشركاء فيها؟"
(إعلام الموقعين عن رب العالمين، محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، دار ابن الجوزي، ط1 1423هـ، المجلد الثالث، ص325).
(6): قال الإمام الدهلوي رحمه الله: "فلا يظهر الاهتمام بالنكاح إلا بمال يكون عِوضَ البُضع، فإن الناس لما تشاحوا بالأموال شحًا لم يشحوا به في غيرها كان الاهتمام لا يتم إلا ببذلها، وبالاهتمام تقر أعين الأولياء حين يتملك هو فلذة أكبادهم، وبه يتحقق التمييز بين النكاح والسفاح" (حجة الله البالغة، الجزء الثاني، ص199).
(7): قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمبطل ليس قوله ثابتًا في قلبه، ولا هو ثابت فيه ولا يستقر، كما قال تعالى في المثل الآخر: ((فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)). فإنه وإن اعتقده مدة فإنه عند الحقيقة يخونه" (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، المجلد الثالث عشر، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1425هـ-2004م، ص159).
(8): (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المجلد الخامس عشر، 1425هـ-2004م، ص128).
(9): (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المجلد الخامس عشر، 1425هـ-2004م، ص129).
(10): وهو ضابطٌ مهم تخرج الأمة به عن محل البحث جملة وتفصيلًا.
(11): وعدمه عند بعضهم ليس دليلًا على انعدامه حقيقةً، فعدم الدليل ليس دليلًا على العدم كما هو معلوم. وطبع الذكور الجنسي متماثلٌ في الغالب.
(12): (مفاتيح الغيب، دار الفكر، فخر الدين محمد بن عمر الرازي، الطبعة الأولى 1401هـ-1981م، الجزء العشرون، ص199).
(13): وقد أخفيته لعدم الحاجة إليه ولأسباب أخرى.
(14): قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله: "الاشتغال بمحض الشهوة تشبه بالبهيمة، وإذا كان الاشتغال بالشهوة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة، فليكن قضاء الشهوة من المرأة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة، وهو حصول الولد وإبقاء النوع الإنساني الذي هو أشرف الأنواع . فأما قضاء الشهوة من الذكر فإنه لا يفيد إلا مجرد قضاء الشهوة، فكان ذلك تشبهًا بالبهائم، وخروجًا عن الغريزة الإنسانية، فكان في غاية القبح" (مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر،  دار الفكر، الطبعة الأولى 1401هـ-1981م، الجزء الرابع عشر، ص176-177).
(15): قال الشيخ عبدالله البسام رحمه الله في سياق ذكره لمنافع النكاح: "ومنها: حفظ الأنساب التي يحصل بها التعارف والتآلف والتعاون والتناصر، فلولا عقد النكاح وحفظ الفروج به، لضاعت الأنساب والأصول، ولأصبحت الحياة فوضى لا وراثة، ولا حقوق، ولا أصول، ولا فروع. ومنها: ما يحصل بالزواج من الألفة والمودة، والرحمة بين الزوجين، فإن الإنسان لا بد له من شريك في حياته، يشاطره همومه وغمومه، ويشاركه في أفراحه وسروره، وفي عقد الزواج سر رباني عظيم، تتم عند عقده إذا قدر الله الألفة، فيحصل بين الزوجين من معاني الود والرحمة ما لا يحصل بين الصديقين أو القريبين إلا بعد الخلطة الطويلة" (توضيح الأحكام من بلوغ المرام، عبدالله بن عبدالرحمن البسام، مكتبة الأسدي، الطبعة الخامسة 1423هـ-2003م، الجزء الخامس، ص210).
(16): (الحجاب، أبو الأعلى المودودي، تعريب: محمد كاظم السباق، دار الفكر، ط2 1384هـ-1964م، ص165).
(17): (مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر الرازي، دار الفكر، ط1 1401هـ-1981م، الجزء الخامس والعشرون، ص59).
(18): (الذريعة إلى مكارم الشريعة، أبو القاسم بن الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني، دار الكتب العلمية، ط1 1400هـ-1980م، ص210).