الاثنين، 5 فبراير 2018

الشك والشاك: حين يقع الصياد في مصيدته (الجزء الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم
--
قال الله تعالى: ((وقل رب زدني علمًا)) [طه/114].
--
"وفي الجملة فالحيرة من جنس الجهل والضلال" (1).
--
الحمد لله الذي امتن على عباده بالفطرة الصحيحة، وألهمهم المعرفة بعقولهم وحواسهم، وزرع اليقين في نفوسهم برسالة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، وأظهر لهم حجج الحق وبراهينه، وفصل بين خلافاتهم وأهوائهم بوحيه. 
والصلاة والسلام على نبيه الأمين الذي بلغ رسالة الإسلام إلى الناس أجمعين، متمًا بذلك نور الله ولو رغمت أنوف الكافرين والمشركين. 
أما بعد، فقد توهم طائفة من الخلق كمالهم وفضيلتهم في الشك والحيرة، وزعموا أن بلوغ الحقائق، والتخلص من الأهواء لا يكون بغير الانتقال من اليقين إلى الشك، والنظر في ما علموه ضرورة وتيقنوا منه، وفحص كل معرفة اكتسبوها بمنظار التكذيب إلى أن تصمد قائمة بلا اعوجاج. 
فزعم أحدهم مثلًا أن انحيازات النفس الباطلة لا مناص منها، وأنها لا بد واقعة فيها، وأن الظهور عليها لا يكون بغير إعمال الشك، وتقليب الفكر دومًا، بحيث لا تقوم خاطرة من العلم في النفس من غير أن تمر بقنطرة الشك والاستفسار. 
ولكن هل يصح في الوجدان والأذهان أن يقال أن اليقين مبني على الشك؟ وأن الجهل أس العلم؟ وأن الظلام مصدر النور؟ وأن الحيرة طريق الطمأنينة؟ 
وهل يسوغ لزاعم أن يزعم انقلاب الأضداد وتحول النقائض بحيث يمسي المرء جاهلًا ويصبح عالمًا؟ وأن قلبًا مهزوزًا بالحيرة والضياع قد استقر باليقين والعلم بسبب اهتزازه ذاك؟ 
فهل يأكل الناس بجوعهم؟ وهل يفرحون بأحزانهم؟ وهل يتحركون بسكونهم؟
--
"علم اليقين عندنا واردات ترد على النفوس تعجز النفوس عن ردها" (2).
--
السماء فوقنا، والأرض تحتنا، 1+1=2، نحتاج للشرب والاغتذاء كي يستمر البقاء. 
هذه وغيرها حقائق اكتسبناها، وجزمنا بها، وعملنا على مقتضاها، حتى كاد التذكير بها يوحي بفساد الطبيعة وزوال الإدراك أو شدة العناد والبلادة. 
لم ننتظر برهانًا منطقيًا عليها، ولا حجة فيلسوف تنصرها، ولم نرخِ سمعًا لمن يزعم خلافها. وكان هذا دليل كمال عقولنا وإدراكنا. 
عقلناها صغارًا، وبنينا عليها أفكارنا ورؤانا ونحن كبار. كانت هي أساس الحقائق التي عرفناها. كانت ضرورات حسية وعقلية لا نتصور زوالها. 
--
"اعلم أن كثرة التعنت في النظر تؤدي إلى طلب تحصيل الحاصل والتشكيك فيه" (3).
--
اليقين من أظهر الحقائق التي يعجز اللسان الإنساني بمختلف لغاته من حدها بتعريف جامع مانع، والناس يشعرون به، ويدركونه في أنفسهم بغير حاجة إلى معلم ودليل. إلا أنه قابل للزوال كسائر النعم الإلهية التي يعاقب العبد بحرمانها إن أساء استعمالها وتصريفها. 
ونبتدئ بالظاهر البين لنستدل به على الباطن الخفي. 
فكم من عاقل أفسد عقله وفكره بكؤوس الخمر فتصرف كالصبيان والحيوانات؟ 
ومن فسد إدراكه فسد يقينه قطعًا. 
فما بال حكيم نراه قد تسافه في آخر عمره؟ وآخر تحول من إيمان إلى كفر؟ وثالث غير أقواله بمجرد أن تبوأ منصبًا رفيعًا واكتسب مالًا عظيمًا؟ ورابع ظل حياته متنقلًا ذات اليمين وذات الشمال؟
هل تعدد الحق أم تعدد الضالون؟ 
كنا لا نتصور إنسانًا بعقله ينفي وجود الله وصفاته، وينسب الخلق البديع، والتصميم الرفيع إلى العدم واللاشيء. فإذا بموجة الشبهات والشك تجتاح قومًا فتزلهم عن الحق، وتضلهم عن طريق الصواب. 
لم يخطر ببالنا يومًا أن يأتي من يزعم أن السنة باطلة ليس عليها عمل ولا يؤخذ منها علم، وأنها كأساطير الأولين، وحكايات الأقدمين. فأصبحنا وقد تنكر لها أناس كانوا يتعبدون إلى الله بأحكامها يومًا. 
لم نتخيل أن يأتي من يعتبر اللواط فطرة صحيحة، ويزيل عنه وصف الفحش والقبح، ليحيله عادة مقبولة يجب على الناس الدفاع عنها.
لم نعلم أن الله سيبتلينا بمن يرى إسرائيل دولة مشروعة الوجود والنفوذ. وأن دماء المسلمين التي سفكتها حق لها. 
لقد كنا نعد تكور الأرض حقيقة لا تقبل النقاش والجدال فضلًا عن تصور النقيض بلا سخرية واستهزاء، فإذا بجمع ممن كنا نعرفهم قد كذبوها وشكوا فيها، بل عدوها زيفًا أجمع الناس عليه. 
لقد اهتزت المسلّمات في القلوب، وهوت النفوس من علياء المعرفة إلى وحل الجهل! 
--
"أنبأنا محمد بن ناصر نا الحسن بن أحمد بن البنا ثنا ابن دودان نا أبو عبد الله المرزناني ثني أبو عبد الله الحكيمي ثني يموت بن المزرع ثني محمد بن عيسى النظام قال مات ابن لصالح بن عبد القدوس فمضى إليه أبو الهذيل ومعه النظام وهو غلام حدث كالمتوجع له فرآه منحرفا فقال له أبو الهذيل لا أعرف لجزعك وجها إذا كان الناس عندك كالزرع فقال له صالح يا أبا الهذيل إنما أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك فقال له أبو الهذيل وما كتاب الشكوك قال هو كتاب وضعته من قرأه يشك فيما قد كان حتى يتوهم أنه لم يكن وفيما لم يكن حتى يظن أنه قد كان فقال له النظام فشك أنت في موت ابنك واعمل على أنه لم يمت وإن كان قد مات فشك أيضا في أنه قد قرأ الكتاب وإن كان لم يقرأه." (4).
--
إن كان الشك بذرة فقد أنبتت جهلًا، وقد هدم الجهل كل الفضائل وأفسد جميع الأخلاق. 
فهل كان الشك علاجًا لمريض وغذاء لجائع؟ 
لقد شك السوفسطائية فأنكروا الحقائق، وشك ديكارت ومن قبله الغزالي ليثبتوا الحقائق. وما بينهما بين الشرق والغرب! 
فهما منهجان معروفان للشك، أحدهما يهدم الحقيقة، والآخر يوهنها ويضعفها. وإليك البيان: 
فالسوفسطائية: "ثلاثة أصناف ؛ فصنف منهم نفى الحقائق جملة ، وصنف منهم شكوا فيها ، وصنف منهم قالوا : هي حق عند من عنده حق ، وهي باطل عند من عنده باطل ." (5). وقد نقلها ابن حزم عن سلف من المتكلمين كما قال. وذكر خبر السوفسطائيين (6) شائع في كتب العقائد ومقالات الفرق والمذاهب. 
أما أشهرهم، فهو بروتاجوراس الذي قال: "الإنسان مقياس كل شيء"، وهو الذي نفى علمه بوجود الآلهة أو عدمها وأن معرفة ذلك متعذرة (7).
على أن نفس المصادر التي أشارت لوجود السوسفطائيين قد أشارت إلى وجود تيار من الشكاك في اليونان. ولا أدري ما وجه التفريق بين هؤلاء الشكاك والسوفسطائيين وهو مخالف لما توارد عليه المتكلمون والنظار الإسلاميون من اعتبار الشكاك في الحقيقة من جنس السوفسطائية ولعل ذلك لعدم انشغالهم بمعرفة أقسام الفلسفات اليونانية المختلفة.
إلا أنني قد وجدت بعض التفسيرات المتناثرة في بعض هذه المصادر. فيوسف كرم، على سبيل المثال، يقول: "لم يكن الشاك في هذا الدور نافيًا متهكمًا كالسوفسطائي ولكنه رجل مغلوب على أمره فقد الإيمان بالحق والخير في بيئة تبلبلت فيها الأفكار وفسدت الأخلاق إلى حد بعيد فانعزل في نفسه لا يوجب ولا ينفي وإنما يقول: لا أدري، ولم يكن كالسوفسطائي مزهوًا بفنه طالبًا للمال، ولكنه كان جادًا معرضًا عن متاع الدنيا، أقرب في أخلاقه إلى الرواقية منه إلى الأبيقورية، ولم يكن هدامًا مثله، ولكنه كان يرى في الإخلاد إلى التقاليد والعقائد الشعبية وسيلة إلى الراحة والاطمئنان، وكان السوفسطائيون مبتدئين يحاجون بلا ترتيب ولا منهج، أما الشكاك فأناس انتفعوا بتقدم الفكر اليوناني فأتقنوا المحاجة على أصولها وأبلغوا الشك أشده وأقاموه مذهبًا بين المذاهب." (8).
وقريب من ذلك قول اميل برهييه في توصيف السفسطة: "ان السفسطة، التي وسمت بميسمها العقود الاخيرة من القرن الخامس، لا تشير الى مذهب، وانما الى طريقة في التعليم ." (9).
ومن وجه آخر يقول الدكتور توفيق الطويل: "يبدو الشك البيروني متخاذلا يائسًا مترددًا لا يقوى على إصدار حكم إيجابيًا كان أو سلبيًا ، فيلوذ بالعرف والتقاليد الشعبية ويلتمس في رحابها الأمان ، إنه يؤثر العافية فيعلن لا أدريته التماسًا للسعادة وطمأنينة النفس كما أشرنا من قبل .
أما ما يسمونه بالشك السوفسطائي فقد كان شك القوى الذي يضيق بالقيم المألوفة في مجال الحق والخير فيتصدى لنقدها وبيان تهافتها والسخرية منها في غير حيطة ولا حذر ، ومن غير أن يقيم للعرف وزنًا أو يلجأ إلى التصورات والمعتقدات الشعبية ." (10).
وجاء في (قصة الفلسفة اليونانية): "لم يكن السوفسطائيون مدرسة فلسفية كالفيثاغوريين أو الإيليين، لها آراء خاصة تربطها عقيدة فلسفية، إنما كانوا طائفة من المعلمين متفرقين في بلاد اليونان اتخذوا التدريس حرفة" (11).
فلنا أن نستلهم من هذه التفصيلات فرقين مهمين بين شك السوفسطائية وشك الشكاك: أولهما: أن شك السوفسطائية لم يكن يمثل مذهبًا متكاملًا كشك الشكاك الذي ثبت نفسه بين فلسفات اليونانيين القديمة. ثانيهما: أن شك الشكاك كان يمثل أزمة كبيرة لهم بخلاف شك السوفسطائية الذي كان يُتخذ براجماتيًا للوظيفة والتعليم.
لكنهما يلتقيان في إنكار الحقائق. فسواء كنت تشك في إمكانية المعرفة وتشك في شكك لئلا تتناقض! (12) أو كنت تشك في إمكانية المعرفة وحسب فإن النتيجة واحدة وهي إنكار ثبوت الحقيقة فضلًا عن إدراكها. [ومن هنا نفهم لم اعتبر بعض المتكلمين الشكاك في الحقيقة من جملة السوفسطائية. هذا مع اعتبار أن المتكلم لا يبحث في تاريخ مقالة السوفسطائية منكري الحقائق إلا بقدر ما يكتفي به في نقض مذهبهم تفريعًا على ثبوت الحقيقة وإمكان المعرفة وهما مقدمتان ضروريتان لتأصيله وفكره. ومن ثم فليس المتكلم مطالبًا بتقرير مذهب الشكاك منفصلًا عن السوفسطائية لمجرد اختلافهم في شيء من التأصيل والظروف إذ أن نتيجتهم واحدة].
ولنا أن نلخص تيار الشك في اليونان اعتمادًا على ما ذكره Richard H. Popkin في مقدمة كتابه The History of Scepticism حيث ذكر أن مواقف المفكرين اليونانيين في الحقبة الهلينية قد تطورت لتقيم حججًا لاستحالة المعرفة وتمثل هذا في تيار الشكوكية الأكاديمية وعدم كفاية الدليل على إمكان المعرفة، وأن تعليق الحكم وتأجيله متعين لذلك وتمثل هذا في تيار الشكوكية البيرونية. (13)
وإذا أردنا قسمة أعم من هذه فلنا أن نقول كما قال ديوجينيس اللائرتي مؤرخ الفلاسفة اليونانيين الشهير: "ويمكن تقسيم الفلاسفة إلى طائفتين: دجماطيقيين Dogmatikoi، وشكاك Ephektikoi. فأما الدجماطيقيون فهم أولئك الذين يصدرون تأكيدات قاطعة عن الأشياء ويؤكدون أن من الممكن معرفتها، وأما الشكاك فهم هؤلاء الذين يعلقون الحكم أو يرجئونه على أساس أنه ليس من الممكن معرفة الأشياء (أو التوصل إلى كنهها على وجه اليقين)." (14).
وظاهر أن شكًا يؤدي لهدم المعرفة، وينتهي إلى استمرار الجهل، لجدير بالاطراح والإهمال. فالأمر كما قال راسل: "ويجدر بنا أن نلاحظ أن مذهب الشك باعتباره مذهبا فلسفيًا، ليس هو مجرد الشك بل هو ما يمكن أن تسميه شيكا (15) يقيم نفسه على أسس جامدة؛ فلئن قال رجل العلم: ((أظن الأمر كذا وكذا؛ ولكنني لست على يقين)) وإن قال المفكر الطلعة (16) ((لست أدري ماذا عسى أن يكون الأمر، لكني آمل أن أهتدي إلى حقيقته)). فإن المتشكك الفلسفي يقول: ((لا أعلم ولا أحد يستطيع أن يعلم))؛ وهذا العنصر في المذهب، عنصر الجمود في العقيدة، هو الذي يجعل المذهب كله عرضة لسهام النقد؛ نعم إن الشكاكين أنفسهم ينكرون أنهم حين يأخذون باستحالة العلم، يبنون إنكارهم على تعصب أعمى، غير أن إنكارهم هذا لا يقنع أحدًا إقناعًا كافيًا." (17).
وقد أبطل يوسف كرم مذهب الشك بثلاثة أوجه وهي عجز الشاك عن الدعوة لمذهبه، وتناقضه في دعوى الشك المطلق نفسها، ولزوم ثلاث لا يقوم الشك إلا عليها وهي: "وجود الذات المفكرة، وعدم جواز التناقض، وكفاية العقل لمعرفة الحقيقة" (18).
ونظير هذا قول الإمام الجويني: "فإن قيل: قد أنكرت طائفة من الأوائل إفضاء النظر إلى العلم، وزعموا أن مدارك العلوم الحواس (19)، فكيف السبيل إلى مكالمتهم؟ قلنا: الوجه أن نقسم الكلام عليهم، فنقول: هل تزعمون أنكم عالمون بفساد النظر، أو تستريبون فيه؟ فإن قطعوا بفساد النظر، فقد ناقضوا نص مذهبهم في حصر مدارك العلوم في الحواس، إذ العلم بفساد النظر خارج عن قبيل المحسوسات.
ثم نقول: أعلمتم فساد النظر ضرورة، أم علمتموه نظرا؟ فإن زعموا أنهم علموه ضرورة كانوا مباهتين، ثم لا يسلمون عن مقابلة دعواهم بنقيضها. وإن زعموا أنهم أدركوا فساد النظر بالنظر، فقد ناقضوا كلامهم؛ حيث نفوا جملة النظر وقضوا بأنه لا يؤدي إلى العلم، ثم تمسكوا بنوع من النظر، واعترفوا بكونه مفضيا إلى العلم.
وإن قالوا: أنتم إذا أثبتم النظر وادعيتم أداءه إلى العلم، أتسندون دعواكم إلى الضرورة، أو تسندونها إلى النظر؟ فإن ادعيتم الضرورة لزمكم ما ألزمتمونا وانعكس عليكم مرامكم؛ وإن حكمتم بصحة النظر بالنظر فقد أثبتم الشي‌ء بنفسه، وذلك مستحيل. قلنا: كلامكم هذا يفيدكم شيئا، أو لا يفيدكم شيئا أصلا؟ فإن زعموا أنه لا يفيد علما و لا يجلب حكما، فقد اعترفوا بكونه لغوا، وكفونا مئونة الجواب.
وإن زعموا أنه يفيد العلم بفساد دليلنا، فقد تمسكوا بضرب من النظر في سياق إنكار جميعه. وإن قالوا: غرضنا مقابلة الفاسد بالفاسد، رددنا عليهم التقسيم، وقلنا: معارضة الفاسد بالفاسد من وجوه النظر. ثم نقول: لا بعد في إثبات جميع أنواع النظر بنوع منها يثبت نفسه وغيره، وهذا كالعلم يتعلق بالمعلومات ويتعلق بنفسه؛ إذ بالعلم يعلم العلم، كما به يعلم سائر المعلومات.
وإن قال السائل: لست قاطعا ببطلان النظر فيطرد عليّ تقسيمكم، وإنما أنا مستريب مسترشد؛ فالوجه أن يقال لمن رام إرشادا: سبيلك أن تنظر في الأدلة نظرا قويما، وتنهج فيها نهجا مستقيما؛" (20).
وسواء زعم الشاك أن شكه  نظري مفتقر للدليل أو ضروري لا يُستدل عليه فإنه باطل، ذلك وأنه إن كان نظريًا فالنظري لا يبطل الضروري الذي يعلمه من نفسه ويشاركه غيره في ذلك، وإن كان ضروريًا فهو يتناقض مع غيره من الضروريات، وما تناقض فهو باطل. وقريب من ذلك يقول شيخ الإسلام: "القدح في الضروريات بالنظريات غير مقبول لأن الضروريات أصل النظريات فلو جاز القدح في الضروريات بالنظريات لكان ذلك قدحًا في أصل النظريات والقدح في أصل الشيء قدح فيه نفسه فيكون القدح في الضروريات بالنظريات يتضمن القدح في الضروريات والنظريات وإذا كان على هذا التقدير لا تصح الضروريات ولا النظريات لم يكن هذا علمًا ولا كلامًا صحيحًا فلا يقدح به في شيء" (21) ويقول بعدها بقليل: "وإذا كان القدح في الضروريات بالنظريات مستلزمًا ألاَّ يكون واحدٌ منهما علمًا ولا يثبت أنه حق وصدق كان كلام القادح ليس علمًا ولا يثبت أنه حق وصدق فلا يكون مقبولاً فثبت أنه على التقديرين لا يقبل ما ذكره وليس هو علمًا ولا ثبت أنه حق وصدق فبقي ما قاله المنازع على حاله غير مقدوح فيه." (22).
بل إن الشك المطلق نفسه لا يصح بغير مرجع يستند إليه من فطرة الناس وبديهتهم. وهذا عجيب حقًا لمن تأمله. فالشكاك يتكلف الشك ولا يكون ذلك منه بفطرته وغريزته. بل إنه يحمل نفسه حملًا على الشك والطعن فيما يعلمه. وسيأتي في شك ديكارت مزيد من ذلك. ولكن أقتصر هنا على عيب من عيوب الشك المطلق وهو اعتماده على ما يريد هدمه وتقويضه! وفي ذلك يقول رضا زيدان: "إن الشك المطلق لغو، لأنه استخدام خاطئ لكلمة الشك التي يستخدمها الرجل العادي عند المقارنة مع يقين، فالشك يستلزم مرجعًا كما يقول فيتنجشتين." (23).
ويلاحظ مؤلفا كتاب (قصة الفلسفة اليونانية) أن الإغراق في التفكير في الذات دون سواها يؤدي إلى الشك، وهذا يعني أن الشك نتيجة لإهمال النظر خارج الذات حيث يقولان: "وبملاحظة تاريخ الفلسفة يتبين لنا أن نوع الفلسفة الذي يعتمد على التفكير الذاتي، أعني تفكير الإنسان في نفسه وعقله فقط يعقبه دائما الشك، ذلك لأن المعرفة هي علاقة بين العقل والشيء الخارجي، فإذا اقتصر الباحث على النظر الى عقله ونفسه مهملا ما في الخارج أداه ذلك إلى إنكار ما في الخارج من حقائق." (24).
ولا نسترسل كثيرًا في الشك المطلق فبطلانه ظاهر، وننتقل إلى ما بعده وهو: الشك المنهجي.
--
"لا يعرف [الشك] إلا من يكابده"!
--
لما كان سبيل الشك المقصود إلى هدم الحقيقة مذمومًا متناقضًا، سلك بعض العقلاء سبيلًا آخر وهو التوسل بالشك نفسه لبلوغ اليقين. ولنا فيه تجربتان شهيرتان وهما تجربتا الغزالي وديكارت. وإن كانت تجربة ديكارت أبعد غورًا من تجربة الغزالي. مع التنبه إلى أنني لم أجمع بينهما جريًا على المسلّمة الشهيرة التي تشير إلى تأثر ديكارت بالغزالي، بل وتعزو جزءًا من فلسفته إليه (25). بل هي فرضية باطلة يعلمها كل من طالع كتابيّ المنقذ من الضلال (للغزالي) ومقال عن المنهج Discours de la méthode فضلًا عن التأملات Méditations (لديكارت). وقد توسع زمير (2010م) في دراسته (Descartes and Al-Ghazālī: Doubt, Certitude and Light) في تبيين أوجه الاختلاف بين منهجي الغزالي وديكارت ووصل إلى عدم وجود دليل ضروري بشأن ذلك (26).
ونبتدئ بالغزالي الذي تعطشت نفسه لمعرفة الحق، وقد رأى اختلاف الخلق فيه، وتنوع المذاهب والأقوال. فتطلب حقيقة العلم وعلم أنه ما "ينكشف به المعلوم انكشافًا لا يبقى معه ريب ، ولا يفارقه إمكان الوهم والغلط" (27). ثم نظر في مظان العلم فوجدها راجعة إلى محسوسات وضرورات عقلية. ومكث يتأمل هذه المحسوسات ليعلم هل يثبت يقينه بها أم لا؟ وإذا بالغزالي يعترف اعترافًا مهمًا وهو قوله: "فانتهى بي طول التشكيك إلى أن لم تسمح لي نفسي بتسليم الأمان في المحسوسات أيضاً" (28) ولم يحصل هذا التشكيك إلا بعرض أخطاء الحواس متمثلة في البصر باعتبارها الأقوى -عند الغزالي- كما يرى الإنسان الكوكب صغيرًا أصغر من الدينار ثم يعلم أنه أكبر من ذلك بكثير.
اعتقد الغزالي أن الشك سينتهي إلى هنا حيث تقف الأوليات العقلية كزيادة العشرة أكثر من الثلاثة وعدم اجتماع النفي والإثبات. ولكنه أدرك أنه لما أبطل إدراك الإحساس لصالح العقل، فقد جاز أن يبطل إدراك العقل لصالح أمر آخر لا يعلمه. وأورد إشكالًا عويصًا وهو الحلم، إذ أنه يشتبه باليقظة ويزول لعدم أصله بالنسبة إليها، فما الذي يضمن له أن اليقظة ليست كذلك بالنسبة لحال أخرى؟ (29)
وهنا تحديدًا اشتدت أزمة الشك، وعاش الغزالي معتركًا صعبًا يصفه بقوله: "فلما خطر لي هذه الخواطر، وانقدحت في النفس حاولت لذلك علاجاً فلم يتيسر، إذ لم يكن دفعه إلا بالدليل، ولم يمكن نصب دليل إلا من تركيب العلوم الأولية. فإذا لم تكن مسلمة لم يمكن تركيب الدليل. فأعضل الداء، ودام قريباً من شهرين، أنا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال، لا بحكم النطق والمقال." (30) ولكنه نجا بفضل الله ورحمته، بعيدًا عن أي دليل عقلي ينتظم ويؤسس لليقينيات. ويصرح بذلك فيقول: "حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقاً بها على أمن ويقين، ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المحررة فقد ضيق رحمة الله تعالى الواسعة." (31) وبعيدًا عن حقيقة هذه التجربة، فإن الغزالي لم ينصح باتخاذ هذا المسلك، ولم يقرر أنه موصل لليقين والحق. بل إنه عندما ألف آخر كتبه (إلجام العوام) لم يدع إليه أصلًا ولم يشر إليه بحال. فحديثه عن تجربته أقرب ما يكون إلى السيرة الذاتية منه إلى التنظير المعرفي. بل إنه يعتبر الشك مرضًا شفاه الله منه حيث يقول: "حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال" (32). إلا أن ذلك كله لا يعني أنه لم يفتعل بعض الشك ليكتسب المعرفة. فهي مغامرة خاضها الغزالي ليصل إلى اليقين، ولكنه تعثر بالشك والريبة وتأخر كثيرًا قبل أن يستطيع مواصلة سيره نحو العلم الحق. ليس الأمر مجرد وسوسة عارضة كتلك التي تعرض للمؤمنين في الصلاة. بل هي مجاهدة لخواطر الجهل التي هجمت على النفس فتركتها مذبذبة حائرة لا نور لها ولا هدى.
الجدير بالذكر أن شك الغزالي لم يستتبع اليقين ضرورة، بتصريحه هو. لقد بقي في الشك والحيرة شهرين لولا أن هداه الله وبث الطمأنينة واليقين في قلبه. ولا ندري إلى كم كانت ستبقى لولا لم يقدر الله انجلاءها.
وللمعلمي تعليق هام على هذه النتيجة حيث قال: "وذاك النور الذي يقذفه الله في الصدور ليس يحصل لكل أحد، فإنه لم يحصل في إنكار البديهيات، وقد ذكر الغزالي أنه بقي نحو شهرين على الشك، بلى قد يقال إنه في الأصل بالنسبة إلى الضروريات عام ولكن من خاض في النظر المتعمق فيه وحاول اكتساب اليقين من جهة النظر احتجب عنه ذاك النور، فإن استمر على ذاك استمر على الشك، كالسوفسطائية، وإن رجع إلى القناعة بالفطرة عاد له ذلك النور كما وقع للغزالي" (33) ويقول يوسف كرم قريبًا من ذلك: "ومتى أذعن العقل لنور الأوليات، أو بالأحرى متى كفت الإرادة عن الافتتان بالشك وقهر العقل على الانصراف عن نور الأوليات، لم يعد أمامنا مانع من المضي في الفحص عن سائر المسائل لاقتناص ما يتيسر من يقين." (34).
--
"كما لا يقبل قدح السوفسطائي بنظره فيما يقول الناس إنه معلوم بالبديهة، ولا يقبل مجرد قوله على منازعه، بل المرجع في القضايا الفطرية الضرورية إلى أهل الفطر السليمة، التي لم تتغير فطرتهم بالاعتقادات الموروثة والأهواء." (35).
--
أكتفي بهذا العرض للجزء الأول من المقال، وأستكمله بالجزء الثاني بحول الله مبتدئًا بشك ديكارت.
والله أعلم وأحكم.
البراء بن محمد
ليلة الإثنين 1439/5/19هـ
2018/2/5م
---
الهوامش
---
(1) (مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المجلد الحادي عشر، 1425هـ-2004م، ص384).
(2) (مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المجلد الرابع، 1425هـ-2004م، ص43).
(3) (إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق، أبو عبدالله محمد بن المرتضى اليماني [ابن الوزير]، دار الكتب العلمية، ط2 1407هـ-1987م، ص17).
(4)
(5) (الفصل في الملل والأهواء والنحل، أبو محمد علي بن أحمد [بن سعيد] بن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبدالرحمن عميرة، دار الجيل، ط2 1416هـ-1996م، ص43).
(6) الجدير بالذكر أن ابن التلمساني قسمهم إلى أربعة فرق وزاد على هذه القسمة بذكر غلاتهم وهم من يعلمون بعدم العلم. انظر (شرح معالم الدين، شرف الدين عبدالله بن محمد الفهري المصري [ابن التلمساني]، تحقيق: نزار حمادي، دار الفتح، ط1 1431هـ-2010م، ص71).
(7) (تاريخ الفلسفة اليونانية، ماجد فخري، دار العلم للملايين، ط1 1991م، ص54). (تاريخ الفلسفة، اميل برهييه، ترجمة: جورج طرابيشي، دار الطليعة، ط2 1987، الجزء الأول، ص108). (قصة الفلسفة اليونانية، أحمد أمين وزكي نجيب محمود، دار الكتب المصرية، ط2 1935م، ص95-96). (تاريخ الفلسفة اليونانية، يوسف كرم، مؤسسة هنداوي، ص62-63).
(8) (تاريخ الفلسفة اليونانية، يوسف كرم، مؤسسة هنداوي، ص277).
(9) (تاريخ الفلسفة، اميل برهييه، ترجمة: جورج طرابيشي، دار الطليعة، ط2 1987، الجزء الأول، ص106)، والأخطاء الإملائية في الأصل.
(10) (قصة الفلسفة اليونانية، أحمد أمين وزكي نجيب محمود، دار الكتب المصرية، ط2 1935م، ص93)
(11) (أسس الفلسفة، د. توفيق الطويل، مكتبة النهضة المصرية، ط3، ص234-235).
(12) "إنه ليس على يقين حتى من أنه يشك؛ فهو شاك في أنه شاك! ولو زعم أنه يشك لأثبت بهذا أنه يعرف حقيقة هي أنه يشك ولناقض بهذا نفسه!" (أسس الفلسفة، د. توفيق الطويل، مكتبة النهضة المصرية، ط3، ص231) "وأما اللاأدرية فهم يقولون: الكلام الذي ذكرته أنت لو خلا عن المعارض الذي أوردته أنا لكان يفيد في الجزم، ولكن لأجل تلك المعارضات زال الوثوق، فلا جرم لا أقطع بشيءٍ أصلًا لا بحيرتي ولا بعدم حيرتي." (نهاية العقول في دراية الأصول، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي، تحقيق: د. سعيد عبداللطيف فودة، ط1 1436هـ-2015م، الجزء الأول، ص169).
(13) " In the Hellenistic period, the various sceptical observations and attitudes of earlier Greek thinkers were developed into a set of arguments to establish either (1) that no knowledge was possible or (2) that there was insufficient and inadequate evidence to determine if any knowledge was possible, and hence that one ought to suspend judgment on all questions concerning knowledge. The first of these views is called Academic scepticism, the second Pyrrhonian scepticism."
(Popkin, Richard H. The history of scepticism from Savonarola to Bayle. Oxford University Press, 2003, pp. xvii)
(14) (حياة مشاهير الفلاسفة، ديوجينيس اللائرتي، ترجمة: إمام عبدالفتاح إمام، المجلس الأعلى للثقافة، ط1 2006م، المجلد الأول، ص39).
(15) كذا في الأصل ولعلها شكًا
(16) الطُلَعة: بمعنى كثير التطلع. راجع معجم المعاني
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%B7%D9%84%D8%B9%D8%A9/  [آخر دخول 2018/2/2م]
(17) (تاريخ الفلسفة الغربية، برتراند رسل، ترجمة: د. زكي نجيب محمود، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 2010م، الكتاب الأول، ص366).
(18) (العقل والوجود، يوسف كرم، مؤسسة هنداوي، ص52).
(19) قال شارح الإرشاد المقترح: "اعلم أولا : أن الناس مختلفون في النقل عن السمنية وفي نسبة هذا المذهب إليهم : فمن الناس من ورّك بالغلط على الناقل ؛ فإن المذهب مخالف للبديهة ؛ فلا يتصور مخالفة العقلاء فيه ؛ فإنا نعلم علوما بديهية خارجة عن الحواس كعلمنا بآلامنا ولذاتنا ، ونفورنا وشهواتنا ،وغضبنا وفرحنا ، وأن الاثنين أكثر من الواحد ، وأن النفي والإثبات لا يجتمعان على موضوع واحد الى نحو ذلك من العلوم البديهية ، وإذا كان كذلك فلا وجه لمنازعة العقلاء في ذلك ." ثم قال بعد قليل: "ومن الناس من عد هؤلاء من قبيل السوفسطائية" (شرح الإرشاد، تقي الدين المقترح، إعداد: فتحي أحمد عبدالرزاق، جامعة الأزهر كلية أصول الدين، ط 1410هـ-1989م، ص13-14).
(20) (الإرشاد إلى قواطع الأدلة والاعتقاد، أبو المعالي [عبدالملك بن عبدالله بن يوسف] الجويني، تحقيق: د. محمد يوسف موسى وعلي عبدالمنعم عبدالحميد، مكتبة الخانجي، ط 1369هـ-1950م، ص3-5).
(21) (بيان تلبيس في الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني، تحقيق: د. سليمان الغفيص، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط 1426هـ، الجزء الخامس، ص153).
(22) (بيان تلبيس في الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني، تحقيق: د. سليمان الغفيص، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط 1426هـ، الجزء الخامس، ص153-154).
(23) (الإجماع الإنساني المحددات ومعايير الاحتجاج، رضا زيدان، مركز براهين، ط1 2017م، ص68).
(24) (قصة الفلسفة اليونانية، أحمد أمين وزكي نجيب محمود، دار الكتب المصرية، ط2 1935م، ص305-306).
(25) انظر على سبيل المثال: المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت للدكتور محمود حمدي زقزوق.
(26) https://www.jstor.org/stable/41480705?seq=1#page_scan_tab_contents  [آخر دخول 2018/2/3م]
(27) (المنقذ من الضلال، أبو حامد [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد] الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، دار التقوى-دار الفتح، ط2، ص32).
(28) (المنقذ من الضلال، أبو حامد [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد] الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، دار التقوى-دار الفتح، ط2، ص33).
(29) يقول الفخر الرازي ردًا على الاحتجاج بالمنام -في سياق الرد على حجج السوفسطائية-: "قوله: النائم قد يجزم بما يشاهده، ثم يتبين عند اليقظة أن ذلك الجزم كان باطلًا، فجاز أن يكون الأمر في اليقظة كذلك. قلنا: نحن نجد من أنفسنا أن هذا الكلام لا يشككنا في علمنا بوجود أنفسنا وآلامنا ولذاتنا، ولا فرق أقوى مما يجده الإنسان من نفسه." (نهاية العقول في دراية الأصول، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي، تحقيق: د. سعيد عبداللطيف فودة، ط1 1436هـ-2015م، الجزء الأول، ص177).
(30) (المنقذ من الضلال، أبو حامد [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد] الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، دار التقوى-دار الفتح، ط2، ص36).
(31) (المنقذ من الضلال، أبو حامد [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد] الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، دار التقوى-دار الفتح، ط2، ص36).
(32) (المنقذ من الضلال، أبو حامد [محمد بن محمد بن محمد بن أحمد] الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، دار التقوى-دار الفتح، ط2، ص36).
(33) (القائد إلى تصحيح العقائد، عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، المكتب الإسلامي، ط3 1404هـ-1984م، ص65).
(34) (العقل والوجود، يوسف كرم، مؤسسة هنداوي، ص53).
(35) (درء تعارض العقل والنقل، تقي الدين أحمد بن عبدالحليم [بن عبدالسلام] بن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، إدارة الثقافة والنشر [بجامعة الإمام محمد بن سعود]، ط2 1411هـ-1991م، الجزء السادس، ص14).