الجمعة، 27 أبريل 2018

دعوة صالحة تحيي أملًا

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين 
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
اللهم ارض عن الصحابة الكرام، واجمعنا معهم في أعالي الجنان
أما بعد، 
فهذه خاطرة مقتضبة تعبّر عن مكنونٍ في النفس. قد تطاول عليه الدهر كثيرًا حتى كاد ينسى لولا مشيئة الله ورحمته ولطفه التي اقتضت أن يخرج من ذلك الركام المظلم. 
-
رحم الله جدتي أم والدي وأعلى منزلتها في الجنة. 
ليس خبر وفاتها -يغفر الله لها- بجديدٍ علي، فقد عايشته منذ ما يربو على أكثر من عامين، وبكيتها كثيرًا وقتها، وتمنيت أن أكون بقربها لولا حيلولة البحار والمحيطات، وبعد الأراضي وسعة المساحات. 
لقد تذكرتها أخيرًا، ويا لجمال الذكرى التي ترتبط بالخير والإحسان! 
ها أنا أستحضر خيالها، وأحاول استذكار صوتها الهادئ، ودعواتها الصالحة المباركة. 
لقد كان من تقصيري تجاهها -والله المستعان- أنني لم أسع إلى تعلم رطانتها التي كانت تخفى علي كثيرًا، لوجود أحفادها البررة الذين يعرفون شؤونها ويعتنون بها، ويتواصلون معها دومًا. فيترجمون لي ما خفي واحتجت لمعرفته. 
والمهم هنا، ذلك الموقف الجميل الذي تكرر وتقرر في الوجدان حتى انقطع من الواقع، ورحل تاركًا خلفه روعة الآثار، والخير العظيم. 
كانت جدتي رحمها الله وغفر لها تدعو لي كأي جدة تحب حفيدها وترجو له الخير، ولكن دعوتها كانت متفردة ومختلفة كتفردها وتميزها. 
كانت رحمها الله تدعو لي بحفظ القرآن! 
استحضار كتاب الله وكلامه في الصدر؛ إنها منقبة عظيمة لا أعرف أحدًا تمناها لي بصدق بعد والديّ الكريمين -أطال الله عمرهما في طاعته ورزقني برهما- غير جدتي. كيف لا وهي قد فرحت كثيرًا -فيما بلغني- عندما كنت إمامًا مؤقتًا لمسجد صغير. 
لقد انتقلت إلى رحمة الله قبل أن تتحقق هذه الأمنية العظيمة، وكم أدركت هول تفريطي بعد أن رحلت مني. 
اللهم اغفر لي وارحمني وأعني على حفظ كتابك وضبطه واستحضاره.
عادت بي الذكرى في تلك اللحظة العابرة إلى هذه الدعوة المباركة التي تكررت علي سنين كثيرة، فعلمت أنها دعوة صالحة تحيي أملًا، وترفع همة، وتكون نهضة لحياة، ونجاحًا عظيمًا. 
لئن كان في العمر بقية، وفي النفس طاقة، وفي القلب ثبات وعزيمة، لأحققن أمنية جدتي رحمها الله، فهي بركة ما بعدها بركة. 
وإلا، فلا أقل من الموت في طلب المحمدة والشرف من الله سبحانه وتعالى، والسعي لمرضاته ومحبته. 
اللهم ثبتني على دينك العظيم، وارحمني برحمتك. 
-
البراء بن محمد
في ليل الجمعة 
1439/8/11هـ
2018/4/27م