الثلاثاء، 15 يوليو 2014

انتظار لن ينتهي (الجزء الثالث وربما الأخير)

                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين..
أما بعد..
فهذا الجزء الثالث (وربما الأخير) من سلسلة انتظار لن ينتهي..
كنت قد تحدثت في الجزء الثاني عن صفات وخصال المنتظرين للتغيير الخارجي، وذكرنا أبرزها وهي: (التشبه بالآلة-حفظ الحركة-فقدان التحكم-فقدان الحرية-الجمود-الخوف من التغيير-العشوائية) وهي كما ترى خصال متشابكة ومترابطة.
وقبلها تحدثت عن الزمن وتأثيره.
وفي هذا الجزء أختم سلسلة انتظار لن ينتهي بتعليق جامع.
يقول الله تعالى: ((عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال*سواءٌ منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مُستخفٍ بالليل وساربٌ
 بالنهار*له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال)).
الله سبحانه وتعالى أعطانا الحرية، ومنحنا الإرادة، ووهبنا القدرة، ومتى ما تكاملت واجتمعت الحرية والقدرة كانت المسؤولية لازماً من لوازم ذلك..
منح الله الإنسان قدرة التغيير الذاتي والتي تميزه عن كثيرٍ من المخلوقات، فالإنسان يغير ويتغير (وبالطبع لا يخرج تغييره عن دائرة مشيئة الله)، وينعكس تغييره على نفسه، بل يتعداه إلى محيطه.
وجعل الله فرصة التغيير للإنسان متاحة بقدر عمره، فالفرص تتوالى عليه، وهو من يستغلها إما لصالحه أو لعكس ذلك.
إن الإنسان يعمر لو شاء أو يهدم الإنشاء، يعبد الله أو يكفر به، بيده أن يتغير للأفضل أو يتغير للأسوأ...
ليس الإنسان مسماراً أو مسنناً في يد الطبيعة أو القدر، بل متى قامت عليه الحجة، ووُجدت لديه القدرة، وكان حراً فهو مُكلفٌ مسؤول. 
فإما أن يوقظ الإنسان الطاقة الكامنة في داخله ويتوكل على الله في ذلك، قاصدًا نيل خيري الدنيا والآخرة، وناهضًا بنفسه ومجتمعه فيُحمد على ذلك ويكون له المجد الكبير والفوز العظيم في الدنيا والآخرة.
أو يخمل وتخمد شعلته، وينتظر أن تتغير السماوات والأرضين، بينما هو في غفلته سادرٌ غافلٌ لاهٍ.
"اقرأ التاريخ إذ فيه العبر *** ضاع قومٌ ليس يدرون الخبر"
ولنعلم أن ما سنحصده من ثمرات أو جمرات هو حصاد أعمالنا وتغييرنا لما حولنا، فإن غيرناه للأفضل، فبها ونعمت، وإلا فإن التغيير للأسوأ لن يأتي إلا بشر.
وفقنا الله جميعًا للتغيير والتغير نحو الأفضل والأحسن والأكمل. 
البراء بن محمد 
الرياض 
17/9/1435هـ 
15/7/2014م